مهرجان VS-FILM ينطلق في نسخته الثانية بالعين السخنة: احتفاء بالسينما المكثفة وتكريم الكبار

بقلم : محمد قناوي

تعيش مدينة العين السخنة الليلة أجواءً سينمائية مميزة مع انطلاق النسخة الثانية من مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جداً، في احتفالية تكرّس لفنّ الصورة المكثفة، وتؤكد حضور السينما كأداة تعبير عابرة للحدود والزمن.

ويشهد حفل الافتتاح تكريم ثلاثة من أبرز نجوم الفن المصري: أشرف عبدالباقي، هالة صدقي، وحنان مطاوع، تقديراً لمسيرتهم الفنية الثرية وإسهامهم في إثراء المشهد الدرامي والسينمائي المصري والعربي،

كما يُعرض فيلم الافتتاح «السويس مدينتي» للمخرج أحمد عبدالسلام، وهو عمل يحتفي بمدينة السويس بروحها النضالية وجمالها الإنساني في قالب بصري قصير يعكس فلسفة المهرجان في تحويل التفاصيل الصغيرة إلى لحظات ذات أثر.

منصة للسينما الجديدة

منذ انطلاق نسخته الأولى العام الماضي، سعى مهرجان VS-FILM إلى ترسيخ مفهوم “الفيلم القصير جداً” كفن مستقل له لغته الخاصة، بعيداً عن النمط التجاري السائد.
وفي دورته الحالية، يرفع المهرجان شعار “الفيلم القصير.. ومضة تضيء العالم”، بمشاركة أكثر من 60 فيلماً من مصر والعالم العربي وأوروبا وأمريكا اللاتينية.

وتضم لجنة التحكيم هذا العام أسماء وازنة من المشهد السينمائي العربي: المخرج عمر عبدالعزيز رئيساً، وعضوية المخرج السوداني أمجد أبو العلا، والناقد السعودي عبدالرحمن عياد، والسيناريست المصرية ناهد عبدالحميد، والمخرجة المغربية ليلى المراكشي.

كما ينظم المهرجان ورشاً سينمائية لطلاب جامعتي السويس والجلالة، بإشراف نخبة من المخرجين العرب، في خطوة تهدف إلى بناء جيل جديد من السينمائيين القادرين على تحويل الفكرة إلى ومضة مؤثرة في زمن قصير.

 التكريم بين رمزية التجربة وإرث الفن

جاء اختيار النجوم المكرّمين هذا العام حاملاً دلالات رمزية واضحة:

-أشرف عبدالباقي يمثل نموذج الفنان الذي جمع بين الكوميديا الراقية وصناعة الفرجة الجماهيرية الواعية.

– هالة صدقي تجسّد في مسيرتها تنوع الأداء وجرأة الاختيار.

– حنان مطاوع تنتمي إلى جيل يوازن بين الحس الأكاديمي والجرأة التعبيرية.

هذا الثلاثي يعكس في جوهره تطور الوعي الفني المصري عبر أجيال مختلفة، مما يمنح المهرجان بعداً تأملياً حول معنى “الاستمرار والإبداع” في زمن تتغير فيه مفاهيم الصورة بسرعة.

قراءة في الرؤية

يبدو أن مهرجان VS-FILM يسعى لأن يكون أكثر من مجرد تظاهرة سينمائية؛ إنه مختبر بصري للزمن الجديد، حيث تختبر الأفكار في أقل عدد من اللقطات، ويتحول الفيلم إلى نصّ شعري بصري يختصر العالم في دقيقة.
وفي زمن هيمنة المنصات الرقمية والمحتوى السريع، يصبح هذا المهرجان مساحة مقاومة للسطحية، ودعوة لاكتشاف العمق في اللمحة، والإنسان في الثانية.

إنه مهرجان يحتفي بفن الاقتصاد في السرد، ويدعو إلى إعادة التفكير في ماهية السينما: هل هي طول المشهد؟ أم صدق اللحظة؟