«محمود ياسين ..بطل الحب والحرب» ، واحد من أبرز اصدارات مهرجان بوسعيد السينمائي في دورته الأولي، وهو من تأليف المؤرخ محمد شوقي ، الكتاب عبارة عن عمل توثيقي وتحليلي يتناول المسيرة الفنية والإنسانية للفنان محمود ياسين ، أحد أبرز نجوم السينما والمسرح والتلفزيون في مصر والعالم العربي.
يأتي هذا الكتاب بمثابة شهادة تاريخية وقراءة معمقة لمسيرة فنان استثنائي، ارتبط اسمه بالوجدان الجمعي لجيل كامل، بل لأجيال متعاقبة، لا يكتفي العمل بعرض السيرة الذاتية لمحمود ياسين، بل يقدمه بوصفه مرآة لتحولات المجتمع المصري والعربي، من خلال ما جسده على خشبة المسرح، وما صنعه على الشاشة الكبيرة والصغيرة، وما تركه من أثر ثقافي يتجاوز حدود الفن.
النشأة والبدايات
يبرز الكتاب جذور محمود ياسين في مدينة بورسعيد ، حيث ولد عام 1941، وهي بيئة طبعت شخصيته بروح الكفاح والارتباط بالوطن ، فمنذ سنوات دراسته الأولى، ظهرت ميوله الفنية والأدبية، فشارك في نشاط المسرح الجامعي بجامعة عين شمس أثناء دراسته الحقوق، وهناك لمع نجمه لفتاً انتباه كبار النقاد والمخرجين ، وتكشف هذه المرحلة عن وعي مبكر بقيمة المسرح كرسالة تثقيفية ووطنية، أكثر من كونه مجرد وسيلة للترفيه.
المسرح: المنصة الأولى
يركز الكتاب كثيراً على دور المسرح في تكوين محمود ياسين، حيث بدأ في المسرح القومي بمسرحية «الحلم» من إخراج محمد سلامة وتأليف عبد الرحمن الشرقاوي ،ومنذ تلك اللحظة، باتت الخشبة موطنه الأول، وشارك في عشرات المسرحيات التي حملت رسائل اجتماعية ووطنية مثل «ليلة مصرع جيفارا» و«عودة الغائب»، ولم يكن مجرد ممثل يؤدي دوراً، بل امتلك قدرة على تحويل النص إلى خطاب حي يتصل بجمهوره، وبهذا أسس مكانته كأحد أعمدة المسرح العربي.
السينما: بطل السبعينيات بلا منازع
ينتقل الكتاب بسلاسة إلى المرحلة الأهم في مسيرة ياسين: السينما. منذ فيلم «القضية 68» عام 1968، برز كوجه جديد يحمل ملامح مصرية صادقة ، لكن انطلاقته الكبرى جاءت مع فيلم «الخيط الرفيع» (1971) أمام فاتن حمامة، الذي فتح أمامه أبواب النجومية المطلقة ، أصبح خلال السبعينيات «فتى الشاشة الأول»، لا ينافسه أحد في حجم البطولات التي قدمها، إذ لعب أدوار البطولة في أكثر من عشرة أفلام في العام الواحد ، وهي سابقة لم يشهدها تاريخ السينما المصرية من قبل.
تتضح أهمية هذه المرحلة في أمرين: أولاً، أنها كرست نموذج «البطل الرومانسي» الذي يجمع بين قوة الحضور ورهافة الحس؛ وثانياً، أنها جعلت من محمود ياسين حالة جماهيرية، فصار اسمه عنواناً للنجاح ومفتاحاً لتسويق الأفلام. وهو ما جعل المنتجين والمخرجين يرون فيه ضمانة جماهيرية وفنية في آن.
التلفزيون والإذاعة: وجه آخر للتأثير
لا يغفل الكتاب عن الإسهام البارز لياسين في الدراما التلفزيونية والإذاعية، حيث قدم أعمالاً خالدة مثل «أبو حنيفة النعمان» و«الدوامة»ـ كان صوته المميز جواز مرور إلى قلوب المستمعين، فقرأ القصائد الوطنية والدينية بصوت يفيض بالعاطفة، حتى صار صوته نفسه جزءاً من الذاكرة الثقافية للمصريين.