عبدالستار ناجي
الحديث عن فيلم افتتاح الدورة ال 78 لمهرجان كان السينمائي الدولى، الذى حمل عنوان «إجازة يوما واحدًا»، للمخرجة ايميلي بونين ، يمثل تجربة استثنائية في رصيد هذا العرس السينمائي ،وقرار يحمل الجرأة والمبادرة والمقدرة على صنع الدهشة ، من قبل المدير الفني لمهرجان كان السينمائي السيد تيري فريمو ، الذى قرر بان يمنح الفرصة الذهبية للفيلم وصانعته المخرجة الشابة ايميلي بونين ، وهي من مواليد 18 مارس 1985 .
وهو بلا ادني شك قرار يحمل الكثير من المعاني والدلالات وفي مقدمتها الرهان المتجدد على جيل الشباب الذين يمثلون الزاد الحقيقي لصناعة السينما في العالم .
فيلم «إجازة يوما واحدًا» فيلم يستحق ان يتوج بالعرض في حفل الافتتاح امام هذه الكوكبة المتميزة من اهم صناع الفن السابع في العالم .
حكاية سيسيل
ونذهب الى المتن الروائي للفيلم الذي يمزج الدراما بالغناء والموسيقي حيث حكاية سيسيل “جولييت ارمونت ” الفائزة بجائزة أفضل طباخة في البرنامج التلفزيوني “توب شيف “التى بدأت لتوها التحضير من أجل انجازها مشروعها الحلم بافتتاح المطعم الخاص بها الى جوار رفيق دربها الطباخ سفيان الممثل الجزائري الفرنسي توفيق جلاب .
في تلك اللحظة الى تحقيق الحلم يصلها اتصال هاتفي من والدتها بان والدها- وهو ايضا طباخ تقليدي – اصيب بازمة قلبية ونقل للمستشفي فتقرر السفر الى قريتها في الحين ذاته تكتشف بانها حامل من رفيقها ولذا تجد نفسها امام مجموعة من التحديات تاخذها بعدها الاعمق حينما تلتقي في القرية بصديق الدراسة وحبيبها السابق ..
وتتداخل الحكايات والدها يصر على البقاء في مطبخة التقليدي متحملا مرضه وتعبه الجسدي وهى ترفض الحمل لانه سيعيق الانطلاق الى مستقبلها في عالم الطبخ ولكنها لا تريد ان تخسر صديقها سفيان الذي تحبه ولا تريد فراقة .
اطار درامي موسيقي
كل تلك الاحداث في مزيج ذكي وعميق ورصين في اطار درامي موسيقي شذي يخفف من عذابات تلك الشخصية وقلقها وتوترها وبحثها المشروع لتشكيل مستقبلها حتى لو كلفها ذلك خسارة اشياء كثيرها من بينها حملها الاول ولربما اسرتها وحبها القديم .. انها القرار والرغبة في الكينونة .
ايقاع متماسك وسيناريو رشيق اشتغلت عليه المخرجة ايميلي بونين بالتعاون مع ديمتري لوكاس الى يمتلك تجربة عريضة الى جوار اهم المخرجين والصناع .
وبخط متوازي هناك الاشتغال الاحترافي لصياغة اغاني الفيلم حيث تعاون ستة من الشعراء والمحلنيين ومنهم كرين ان وتوماس كارملير وجيرمان ازدروسكي وايما برات وثيو قيصر وشالي جونزاليز وقام نجوم العمل بالغناء الخاص بكل شخصية .
دراسة تحليلية
في الفيلم دراسة تحليلية لكل شخصية وظروفها وتاريخها وهناك حالة من الثراء في الموزاييك الخاص بجميع الشخصيات ومنهم بينهم سيسيل القادمة من القرية وامها ذات الاصول الايطالية وصديقها ذو الاصول العربية وهكذا بقية الشخصية ضمن تنوع يشكل معادلة التنوع الثراء في المجتمع الفرنسي بشكل عام .
من خلال شخصية – سيسيل – نحن امام معادلة اتخذا القرار والادارة وايضا الاصرار والعزيمة فهى العاشقة التى تضحي بالامومة من اجل صناعه مستقبلها وهي ابنه القرية التى يفتخر بها الجميع وبانجازها الا انها تفظل ان تصنع مستقبلها وطريقها وحياتها حتى لو كلفها ذلك ان تغتدر القرية بلا عودة مودعة بكلب العائلة وايضا صديق الامس الذي رافقها لمسافة طويلة وهى تركب احدي الشاحنات في طريق عودتها الى باريس وكانها تحمل تلك الدلالات بان عزيمتها وارادتها هي كما تلك الشاحنة التى تشق طريقها الى الغد والمستقبل والحياة .
مخرجة واعدة بطموحات هي ايميلي بونين لذا كانت رهانات المدير الفني لمهرجان كان السينمائي تيري فريمو من اجل منحها الفرصة الاهم حيث اختيار فيلمها «إجازة يوما واحدًا» ، ليست مجرد دعم مجاني للسينما الفرنسية بل تحرك مقرون على الايمان والثقة بتلك الطاقة والموهبة وهي دعوة لان نظل نتذكر اسم ايميلي بونين في قادم الايام من مسيرة السينما الفرنسية
ويبقي ان نقول .. شكرا تيري فريمو على اختياراتك ذات البعد المستقبلي .