لقاء سعادة الدكتور أحمد بن محسن الغساني، رئيس بلدية ظفار، بالصحافة المصرية على هامش مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، لا يأتي كفعالية بروتوكولية عابرة، بل كاشفًا عن تحوّل واضح في طبيعة العلاقات الثقافية العربية، وفي إدراك المؤسسات الرسمية لأهمية الفعل المسرحي والفني في بناء الجسور بين الشعوب.
فالمناسبة التي جمعت الغساني مع الإعلام المصري جاءت على أرض مهرجان بات يمثل واحدًا من أكثر المنصات تأثيرًا للشباب المسرحي في المنطقة، مما منح اللقاء وزنًا إضافيًا وأبعادًا متعددة تستحق التوقف عندها.
شرم الشيخ… منصة عربية للتقاطع الثقافي
منذ انطلاقه، أثبت مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي – برئاسة الفنان مازن الغرباوي – قدرة كبيرة على جذب الفاعلين في الحقل المسرحي العربي والدولي، وقد أشار الغساني، بوضوح، إلى هذا الدور، معتبرًا أن المهرجان أصبح نموذجًا للتبادل الثقافي العربي، وصار اسمه مرتبطًا بالحراك المسرحي المتجدد في المنطقة، هذا الاعتراف لم يأتِ من مسؤول إداري فقط، بل من شخصية تمثل مؤسسة ثقافية–تنموية في سلطنة عمان، ما يعكس اتساع دائرة تأثير المهرجان وتحوّله إلى منصة حوار فني تتجاوز الجغرافيا.
مصر.. المرجع الثقافي والفني للمنطقة
أبرز الغساني خلال حديثه العلاقة المتينة بين الجمهور العماني والإبداع المصري، سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون. هذه الإشارة تحمل دلالتين: الأولى، أن مصر ما زالت تشكّل مركزًا مرجعيًا للثقافة العربية، والثانية أن التبادل الفني بين البلدين ليس وليد اللحظة، بل مبني على تاريخ من التأثير والتفاعل، اللافت هنا أن المسؤول العماني لم يكتفِ بالإشادة، بل ربط ذلك بالهوية الثقافية للمجتمع العماني، مؤكدًا أن الفن المصري جزء من ذاكرة المتلقي في السلطنة.

مهرجان ظفار المسرحي.. تجربة في طريق الترسّخ
حين تحدث الغساني عن مهرجان ظفار الدولي للمسرح، بدا واضحًا أنه يسعى لتثبيت موقع جديد لسلطنة عمان على الخريطة المسرحية، نجاح الدورة الأولى في العام 2024 لم يكن مجرد بداية، بل خطوة في مشروع ثقافي يهدف إلى بناء منصة تجمع المسرحيين العمانيين بنظرائهم حول العالم.
إعلانه بأن موعد النسخة الثانية سيكشف لاحقًا يعكس رغبة في تأمل التجربة وتحسينها، وليس فقط تكرارها، كما أن ربط المهرجان بمواسم ظفار السياحية الثلاثة يفتح المجال أمام صيغة جديدة تجمع بين الثقافة والسياحة، على غرار ما يقدمه مهرجان شرم الشيخ نفسه.
لقاء الدكتور أحمد بن محسن الغساني بالصحافة المصرية لم يكن مجرد تعليق على فعاليات المهرجان، بل كان بيانًا ثقافيًا يشرح طبيعة المرحلة الجديدة التي تعيشها العلاقات العربية–العربية في سياق الفن والمسرح. فالمؤسسات الرسمية باتت تنظر إلى الفعل المسرحي كجزء من التنمية الشاملة، والمهرجانات كمساحات للتواصل بين الشعوب
وما بين شرم الشيخ وظفار تتشكّل اليوم شبكة عربية أكثر وعيًا بدور الثقافة، وأكثر استعدادًا لتبنّي المشاريع التي تصنع حراكًا فنيًا حقيقيًا في المنطقة.
