سوق مسرحي دولي يضع شرم الشيخ في قلب العالم

 بقلم : محمد قناوي

يقدّم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في دورته العاشرة خطوة نوعية تحسب لإدارته، بعدما خصّص سوقًا دوليًا جمع رؤساء ومديري أهم المهرجانات المسرحية حول العالم، في مبادرة تعكس وعيًا متقدمًا بأهمية التكامل بين الفعاليات الفنية الدولية.

هذا الحدث، الذي أدارت ترجمته الفنانة د.هاجر النحراوي، لم يكن مجرد اجتماع تقليدي؛ بل منصة استراتيجية لإعادة صياغة شكل التعاون المسرحي عبر شبكات مؤسسية تمتد عابرة للقارات.

ولادة سوق مسرحي

يأتي تأسيس هذا السوق في لحظة تحتاج فيها الحركة المسرحية العالمية إلى فضاءات حوار أوسع، خصوصًا في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المهرجانات من حيث التمويل والحضور والتبادل الثقافي.

ومن هنا برزت أهمية اللقاء، الذي شهد مشاركة لافتة لرموز ومؤسسي مهرجانات دولية، حيث شكّل مساحة لتبادل الخبرات والإجابة عن سؤال محوري: كيف يمكن للمهرجانات أن تتطور دون أن تفقد روحها الفنية أو رسالتها المجتمعية؟

فلسفة المهرجان

في كلمته الافتتاحية، قدّم رئيس المهرجان مازن الغرباوي خطابًا يعكس فلسفة المهرجان منذ تأسيسه، حين أكد أن التواصل بين الثقافات ليس مجرد إطار تنظيري بل ممارسة فعلية تترجم من خلال التعاون الإبداعي وتفعيل الدبلوماسية الثقافية.

أراد الغرباوي أن يضع المهرجان في موقع الفاعل لا المتلقي، وفي موقع المبادر لا المتابع، وهو ما اتضح في طبيعة الملفات التي طُرحت على طاولة النقاش، من تبادل العروض والورش إلى خلق آليات تسهّل انتقال الفنانين بين منصات المسرح العالمية.

رغبة في التعاون

اللافت أن رؤساء المهرجانات المشاركين لم يتعاملوا مع اللقاء كحدث بروتوكولي، بل جاء لكل منهم تصور ورغبة حقيقية في التعاون.

فقد عبّر قسطنطين كرياك رئيس مهرجان سيبيو الدولي عن تقديره لفكرة “Open Market”، بينما رأى هارولد ديفيد من مهرجان أفينيون أوف أن اللقاء يشكّل خطوة غير مسبوقة في جمع هذه النخبة الدولية، ومن كوريا، قدّم البروفيسور جون وونج سون صورة مختلفة عن المشهد المسرحي الكوري الذي يمتد نشاطه إلى 16 مقاطعة.

مسرح من أجل السلام

أما الفنانة مونيكا زين، فشدّدت على شعار “مسرح من أجل السلام”، فيما ركّز البروفيسور ليفان خيتاجوري على دور التعاون الدولي في تطوير الممارسات المسرحية، وتنوّعت المداخلات بين التجارب الأوروبية والعربية، مثل ما قدّمه ويلي براجر من بلغاريا ومنى العلمي من المغرب، وصولًا إلى الخبرات الخليجية التي نقلها حمد عبد الرضا من قطر، وعماد الشنفري والدكتور عبد الكريم اللواتي من سلطنة عمان، إضافة إلى رؤية الإعلامية رولا الهباهبة في العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.

نقطة تحول

تحليليًا، يمكن القول إن السوق الدولي يمثّل نقطة تحوّل في مستقبل المهرجان، ليس فقط عبر فتح آفاق للتعاون المؤسسي، بل عبر صياغة هوية جديدة للمهرجان كمنصة دولية للحوار والتخطيط والتبادل، لقد تجاوز المهرجان دوره التقليدي كمساحة لعرض الأعمال ليصبح مساحة لتشكيل مستقبل المسرح الشبابي على المستوى العالمي.

بهذا الحدث، يثبت مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي أنه لم يعد مجرد فعالية سنوية، بل مشروع ثقافي يمتد تأثيره إلى خارطة المسرح العالمي، ويضع مصر في قلب حركة التبادل الفني الدولي.