«كان ياما كان في غزة».. دراما الجريمة بمهرجان كان 2025

عبدالستار ناجي

الأخوين عرب وطرزان ناصر، يعودان إلى مهرجان كان السينمائي من خلال فيلم «كان ياما كان في غزة»، الذي حصد جائزة أفضل مخرج بقسم «نظرة ما» ضمن دراما الجريمة والمخدرات يمكن ان تحدث في اى مكان من بينها غزة التى تعيش تحت قصف لم يتوقف منذ السابع من اكتوبر 2023 .

وقبل ان نذهب للفيلم متسائلين هل على المخرج ان يكون دائما  منبر لقضاياه . تبدو هذة المهمة شبة انتحارية . خصوصا اذا ما كان هذا المخرج يعيش في الغربة ويعي اهمية مخاطبة الجهات المنتجة والموزعة ومن قبلها المشاهد الاوروبي . ويبدو ان الثنائي عرب وطرزان هما من اكثر الصناع العرب ( فهما ) لدورهما كصناع سينما عليهما ان يقدما الفن السينمائي بعيدا عن الشعارات والعناوين الكاذبة .

وفي فيلمهما الجديد كما في النسبة الاكبر من تجاربهما السابقة يدمان قضايا وموضوعات يبدو الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي على خلفية الصراع . كم في عدد من التجارب ومن بينها فيلم – دجرادية – ( غزة حبيبتى ) وعندها كنا امام صالون حلاقة نسائي في غزة وسط متناقضات اجتماعية وسياسية وايضا امنية وسياسية .

وهنا في «كان ياما كان في غزة».. الذى تجري احداثة في العام 2007 نتابع حكاية يحيي – نادر عبدالهادي – الطالب الشاب الذى يواصل دراسته بجدية في الوقت الذي يعمل به في احد مطاعم الفول والفلافل من خلال صداقته مع اسامة – ماجد عيد – الذى يعمل ايضا في توزيع المخدرات والحبوبة المخدرة . في مقابل الضابط بوسامي – رامزي مقدسي – الذي يحاول مواجهة تجارة المخدرات في غزة .

وتمضي الاحداث متداخلة حيث تسفر المواجهة عن ان يقوم الضابط ابوسامي باغتيال اسامة حيث يشاهد يحيي المشهد ويقرر ان ينتقم لاغتيال صديقة . في تلك الاثناء يعرض على يحيي مشروع العمل في بطولة فيلم مغامرات فلسطينى عن احد الابطال الثوار ونكون عندها امام فيلم داخل فيلم .

مجرد حكاية يمكن ان تحدث في اى مكان وقد اختار الثنائى ناصر ان تكون في غزة ولكن في تلك الحكاية ومغامرتها الكثير من الهنات على صعيد البناء الدرامي . فلماذا يريد من الفيلم ان نبارك انتقام يحيي لصديقة . ولماذا يريد لنا الفيلم ان نحول رجل البوليس الذى يكافح الجريمة والمخدرات على انه شرير ويستحق القتل . وفي المقابل هناك تورط اسامة ويحيي في تجارة المخدرات وتوزيعها ..

انها مجرد حكاية اعتيادية تعجب المشاهد الغربي ( بالذات ) اما العربي فيتسأل ( اين غزة وقضاياها ومشاكلها وظروفها ؟ ) ونعود للسوال .. هل على المخرج ان يكون منبرا لقضاياه ومن اين عليه ان يؤمن ميزانيات اعماله وكيف له ان يمررها الى الاسواق والمهرجانات . ولكن هكذا نوعية من الافلام ( المفرغة ) تبدو صالحة للعرض بلا تحفظ لانها تاتى حسب المواصفات الانتاجية والفكرية للمنتج الغربي .

في النهاية كم من المصدفات اعتبارا من انتقام يحيي لصديقة الى اغتيال يحيي برصاصة طائشة اثناء تصوير الفيلم الذى يقوم ببطولته . كمية من المصادفات التى تربك مسارات نهاية الفيلم .

على خلفية الاحداث الخاصة بتلك المغامرة السينمائية يقوم الفيلم بتمرير عدد من المشاهد من حوادث القصف – تبدو مقحمة وخارج النسق الدرامي – بعد السابع من اكتوبر 2023 وهي تحاول مغازلة المشاهد العربي وتذكير المشاهد الغربي بما يجري اليوم في غزة رغم اننا امام احدثيات في تجري العام 2007 .

في – دجرادية ( غزة حبيبتى ) و«كان ياما كان في غزة»الصراع ليس فلسطيني – اسرائيلي بل هو فلسطيني – فلسطيني ( غزة والسلطة ) مع اشرات في العملين الى التيارات الدينية مثل حماس وغيرها نراهم هنا كجهة منتجة للفيلم الذي يصور داخل الفيلم .

حكاية اعتيادية وفيلم لصناع يعرفون ماذا يريد المنتج والموزع ومن قبلهم المشاهد الغربي ..وسيظل اسم عزة حاضرة في جميع اعمال الاخوين ناصر لانه مفتاح لابواب كثيرة من بينها الانتاج والتوزيع والمهرجانات العالمية .وعلينا ان نشيد بالجهد الاخراجي المبذول والذي يؤكد باننا كوادر تعي حرفتها كم تعى احتياجات الاسواق العالمية من اجل ان يظل اسم فلسطين حاضرا في المحافل السينمائية .