عبدالستار ناجي يكتب : «المخطط الفينيقي»..الإبداع علي نهج ويس أندرسون في «كان»

يمتاز المخرج الاميركي ويس اندرسون بمنهجة الابداعي الذي يمتاز بالهدوء واللغة الجمالية الرفيعة المستوى التى راح يؤكدها عبر مسيرته السينمائية التى انطلقت في العام 1996 من خلال فيلمه « بوتل روكيت » لتتواصل اعماله التى تبدو حينما تشاهدها مجتمعة او كانك امام فيلم واحد يكمل بعضه البعض في اطار كوميدي رقيق مشبع بالتفاصيل والبراعة .

مجددا يعود ويس اندرسون الى مهرجان كان وكأنه حجز مكانة بين الكبار دائما ، وفي احدث اعماله يقوم بابتكار  فيلمًا كوميديًا آخر ينضم الى سلسلة افلامة  الأنيقة، الغريبة، المستقيمة؛ وكعادته، يتهم بصنع أفلام تشبه أسلوبيًا جميع أفلامه الأخرى، ومع ذلك، فهو ليس أكثر، بالتأكيد، من جميع المخرجين الآخرين الذين يخرجون أفلامًا تقليدية تشبه بقية أعمالهم التقليدية وهو هنا لا يتكرر ولا يقلد نفسه بل يحقق اضافة ابداعية .

فيلم «المخطط الفينيقي» ممتع، وينفذ ببراعة أندرسون المعتادة، لكنه بطريقة ما أقل تفصيلًا بصريًا وإلهامًا من بعض أعماله السابقة؛ فهناك تعاطف أقل مع الشخصيات، ومن المحير رؤية ممثلين من عيار توم هانكس، وويليم دافو، وسكارليت جوهانسون يظهرون في لقطات قصيرة، جامدة، وشبه ثابتة. لكن هناك دور رئيسي محبب من ميا ثريبلتون، وهو صدى بصري وسمعي غريب لوالدتها، كيت وينسلت.

إن «المخطط الفينيقي»الغامض وغير المجدي المذكور في العنوان هو خطة وضعها رجل الأعمال الثري زازا كوردا (بينيسيو ديل تورو) للسيطرة على اقتصاد دولة خيالية في الشرق الأوسط من خلال سلسلة متشابكة من مشاريع التعدين والنقل وصيد الأسماك، وذلك باستخدام عمالة العبيد الاستغلالية وعلاوة على ذلك التلاعب بالسوق الزراعية بطريقة تسبب المجاعة.

ولتحقيق هذه الغاية والسيطرة على العالم ، وقّع صفقات استثمارية مع عدد من الأقارب والشركاء، منهم مارتي (جيفري رايت)، وابنة العم هيلدا (جوهانسون)، ومارسيل بوب (ماثيو أمالريك)، وشقيقه العم نوبار، الذي يحتمل أنه قتل زوجة زازا بالصدفة، والذي يؤدي دوره بينيديكت كومبرباتش بلحية وحشية وكحل عيون، كشخصية راسبوتين في فيلم صامت. ابنته هي ليزل، راهبة مبتدئة (ثريبلتون)، يبدو أن قدرها أن تتولى إدارة الشركة رغم عدم رغبتها في ذلك. أما معلم العائلة النرويجي بيورن لوند (مايكل سيرا)، فيقع في حب ليزل بشدة.

ولكن تلك الاتفاقيات والصفقات لا تسلم لكن الآن، حيث حاول الحكومة الأمريكية، متمثلةً بالسيد إكسكاليبر (روبرت فريند)، الرجل المتزمت والمتزمت، تدمير المخطط برفع تكلفة “المسامير القابلة للكسر” التي بنيت عليها الخطة بأكملها. والآن، يتعين على زازا سد فجوة الربحية بالتجول بين كل مستثمر من مستثمريه لإقناعهم بقبول ربح أقل مما اتفقوا عليه… وهكذا، تقدم لنا الأفلام لمحة عن كل شخصية غريبة الأطوار على حدة. في هذه الأثناء، تراود زازا، التي تكاد تقتل باستمرار في حوادث تحطم طائرات تدبّرها الحكومة، رؤى مستمرة عن دينونة سماوية من إله يجسّد دوره بيل موراي.( يتكرر المشهد مرات بعد كل محاولة اغتيال )

ونشير بكثير من الاحتفاء بالاداء المتميز لبنيسو دل تورو وايضا الشابة المتميزة ميا تربلتون التى يشكل حضورها اكتشاف حقيقي لقدرات ممثلة سيكون لها كثير من الحضور والبصمة على خطي والدتها النجمة البريطانية كيث وينسليت .

يتقدم الفيلم بسلاسة بأسلوب عذب وسلس  وهو الاسلوب الذي يميز ويس  أندرسون، لكنه يخشى أن يصبح أسلوبًا تقليديًا. إنه دائمًا مسلٍّ، ويقدّم بالقوة والإقناع المعهود، ولكن بأقلّ من الإسراف الرومانسي الذي رأيناه سابقًا، وأقلّ من الوحدة الطفولية التي تميّزت بها أعظم أفلامه.

ويبقي أن نقول : فيلم «المخطط الفينيقي»يرسخ بصمته واسلوب وابداعات ويس اندرسون الرائع .