ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي في دورته ال 78 لعام 2025 يأتى فيلم «ملف 137»للمخرج الفرنسي دومنيك مول عامرا بالنقد الصريح للشرطة الفرنسية على خلفية الاحداث التى شهدتها باريس ضمن المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين ابان فترة احتجاجات – القمصان الحمراء – بل انه الفيلم يذهب بعيدا حينما يصف قطاعات من الشرطة البوحشية والتسبب في اعاقة عدد من الابرياء .
المحور الاساسي للمتن الروائي للفيلم تدور أحداثه حول ضابطة تحقق في العنف ضد متظاهر مراهق يتصادف ان قادم من ذات القرية التى ولدت بها ولا تزال تعيش بها اسرتها .
تتضح مفردات الجدية في جميع التجارب السينمائية التى قدمتها المخرجة دومنيك مول حيث تمتلك رصيدا سينمائيا يمتد على مدي سبعة افلام كانت بدايتها في العام 1994 في فيلم ” انتميته ” وصولا الى فيلم ” ليلة 12 ” عام 2022 واخيرا فيلم «ملف 137».
وحشية الشرطة في فرنسا
فيلم «ملف 137» للمخرج دومينيك مول يمتلك التركيز حول موضوع محوري يتناول وحشية الشرطة في فرنسا؛ فهو يروي أحداثًا درامية وثائقية( استنادا الى قصة حقيقية ) ، ويتبع نهجًا إجرائيًا حازمًا. يستلهم الفيلم أحداثه من الحالات الواقعية المروعة لمتظاهري السترات الصفراء في مظاهرات فرنسا عام 2019، والذين كانوا يستخدمون ما يسمي – بكرة الوميض – التى تطلق حفنة من الطلقات
الضابطة ستيفاني ( ليا دراكر) – تقدم اداءا مذهلا رصينا يمتاز بالعمق – ، ضابطة شرطة مخلصة في مكتب المفتشية العامة للشرطة الوطنية، وهو مكتب الشؤون الداخلية، تحقق في إصاباتٍ مروّعة في الرأس تعرّض لها متظاهر مراهق، والتي لا يمكن أن تسبّبها إلا أسلحة “كرة الوميض” التي استخدمها رجال الشرطة.
ستيفاني مطلقة من زميلها الشرطي جيريمي الذي يشعر هو وصديقته الجديدة التي تعمل أيضًا في الشرطة – بالاستياء الشديد مما يراه تقويضًا غير مخلص من جانب مكتبها للشرطة، والطريقة التي تتساءل بها عن الزوايا التي (من المفترض) أن يقطعوها للحفاظ على أمن فرنسا، وخاصة بعد هجمات – شارلي ابدو – وغيرها من الاحداث الارهابية التى راحت تهدد الجمهورية .
فيلم يظل يمتلك محورة الاساس حيث اجراءات التحقيقات واستدعاء العديد من افراد الشرطة المتورطين .
تزداد حياة ستيفاني تعقيدًا عندما تزور والدة الصبي المصاب ويتصادف انها من ذات القرية لذا تقرر ان تذهب بعيدا في اجراءات التحقيقات .
جرعة عالية
يمتلك الفيلم جرعة عالية من البث والسيناريو المتنامي حيث يصل الفيلم إلى أقصى درجات الثبات عندما يأخذنا، بجهدٍ مضنٍ – يضاهي في سرده أحداث الوقت الحقيقي تقريبًا – عبر عملية تحديد مكان الجناة من رجال الشرطة من خلال العثور على لقطات كاميرات المراقبة من موقع الاعتداء على المراهقين، ثم البحث ببطءٍ مرهق عن مقاطع فيديو أخرى من كاميرات قريبة، متتبعًا مسار الجناة حتى يتم تحديد هوية الضباط المخالفين. هذه السلسلة من الصور الجنائية الهادئة تقارن بمقاطع فيديو حقيقية من الهواتف الذكية، وهي شائعة الآن وتعرّض ضباط الشرطة المخالفين للمساءلة القانونية.
ستيفاني وزملاؤها مقتنعون بإمكانية العثور على كاميرات كهذه في فندق فاخر يطل مدخله الخلفي على مسرح الجريمة، وذلك لتقريبها من شاهدة عيان محتملة: أليشيا، عاملة نظافة غرف فندق، تؤدي دورها غوسلاجي مالاجا (المعروفة بدراما قاعة المحكمة “سانت أومير” لأليس ديوب). تقدّم مول لستيفاني مشهدًا فرديًا دراميًا نوعًا ما مع أليشيا وهي تتوسل إليها للمساعدة، لكن أليشيا تقول إن إلقاء رأسها فوق المتراس لانتقاد الشرطة سيوقعها في ورطة، ولو لم تكن المراهق المصاب ابيض البشرة، لما اهتمّت ستيفاني وزملاؤها بالأمر على أي حال. إنه مبالغ فيه بعض الشيء ومكرر، خاصةً وأن دليل أليسيا هو في الواقع فيديو مصوّر بهاتف ذكي يمكن إتاحته للشرطة بسهولة دون الحاجة إلى تسجيله.
في النهاية تاتى الاوامر العليا لاغلاق الملف بالكامل وتفشل كل جهود ستيفاتي المدفوعه بشي من التحزب لابناء منطقتها القروية .تدهشنا النجمة الفرنسية ليا دروكير وهي تجسد شخصية الضابطة ستيفاني عبر اداء يخلو من التكلف ويجعلنا امام شخصية تمتلك الثقة بالذات رغم كل الظروف التى تحيط بها .
ويبقي ان نقول باننا امام عمل سينمائي ثري بالحقيقية ويضع الشرطة الفرنسية تحت دائرة النقد . لمخرج يمتلك ادواته ولغته التى تعتمد التحقيق المصور لحدث هام في تاريخ فرنسا الحديثة .