محمد قناوي يكتب: لماذا اختار «الست» مراكش بدل القاهرة للإنطلاق عالميًا؟

لماذا اختار صنّاع فيلم «الست»، للمخرج مروان حامد والكاتِب أحمد مراد، والنجمة منى زكي في دور البطولة، أن يكون عرضه الأول ضمن فعاليات الدورة الـ22 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بدلًا من المشاركة في الدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟

سؤال يتردد بقوة بمجرد إعلان ادارة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش برمجة الفيلم في «عروض الجالا» الذي يخصص للأفلام الكبرى المنتظرة جماهيريًا، ليتم عرضه كاملا في عرضه العالمي الأول بدلا من عرض 18 دقيقة فقط في روشات الاطلسي كما تم الإعلان عن ذلك سابقا .. وهل رفضت جهات الإنتاج مشاركته في القاهرة السينمائي الدولي ؟ وهل القاهرة طلب مشاركة الفيلم أم لا ؟  تساؤلات عديدة لن نجد لها إجابة سوي عند صناع الفيلم !

الفيلم الذي يتناول قصة حياة السيدة أم كلثوم – أيقونة الغناء العربي – يحظى بإنتاج ضخم يجمع بين شركة «فيلم كلينك» للمنتج محمد حفظي وصندوق «Big Time»، ويشارك في بطولته كل من سيد رجب وأحمد خالد صالح وتامر نبيل، إلى جانب عدد من ضيوف الشرف البارزين، منهم أحمد حلمي وعمرو سعد ومحمد فراج ونيللي كريم وأمينة خليل.

رؤية واعية

حسب المعلومات المتوافرة لدينا فإن اختيار مهرجان مراكش لم يأتِ صدفة، بل يعكس رؤية واعية لصنّاع الفيلم الذين يسعون إلى إطلاق العمل في منصة واسعة التأثير، فمهرجان مراكش، الذي يحظى برعاية ملكية ويتّسم بحضور نقدي عالمي، بات أحد أبرز المهرجانات العربية التي تربط بين إفريقيا وأوروبا، مما يمنح «الست» نافذة قوية على المشهد السينمائي العالمي.

ويرى مراقبون أن هذا القرار يحمل بعدًا تسويقيًا مدروسًا، إذ يتيح للفيلم أن يحظى بعرض عالمي أول خارج حدود مصر، قبل طرحه تجاريًا أو عرضه محليًا في القاهرة لاحقًا، مما يعزز من فرصه في جذب النقاد والموزعين الدوليين مبكرًا.

يأتي الفيلم في توقيتٍ تشهد فيه السينما العربية حراكًا متجددًا نحو استعادة رموزها الثقافية الكبرى، واختيار مراكش تحديدًا يعكس رمزية عميقة، فالفيلم الذي يروي سيرة كوكب الشرق، رمز الهوية الفنية العربية، يعرض في بلد مغاربي يعد من أكثر البلدان احتفاءً بالثقافة العربية المشتركة، وبذلك تتحول أم كلثوم من مجرد سيرة فنية مصرية إلى رمزٍ عربي عابر للحدود.

توازن دبلوماسي وفني

كما يقرأ اختيار مراكش على أنه توازن دبلوماسي وفني أيضًا؛ فمنتج الفيلم محمد حفظي كان رئيسًا لمهرجان القاهرة السينمائي في دوراته السابقة، وقد يكون تجنّب إدراج الفيلم في المسابقة الرسمية هناك حفاظًا على الحياد، وابتعادًا عن أي تأويلات تتعلق بالمجاملات أو المصالح ، ومن ثمّ، يعد العرض في مراكش قرارًا راقيًا يجمع بين الذكاء المهني والنزاهة الفنية.

بمشاركة «الست» في مراكش، تعود السينما المصرية إلى دائرة الضوء الإقليمية والدولية عبر عمل يزاوج بين الأصالة والمعاصرة، ويحمل توقيع اثنين من أبرز صنّاع السينما الحديثة في مصر” مروان حامد وأحمد مراد” .

الفيلم يرتقب أن يكون علامة فارقة في السيرة الغنائية على الشاشة العربية، ليس فقط لأنه يوثق حياة أم كلثوم، بل لأنه يسعى إلى قراءة إرثها بروح فنية جديدة، تمزج بين الدراما والوجدان والموسيقى.

بين القاهرة ومراكش، اختار «الست» طريقه نحو العالمية، ليؤكد أن الفن المصري، حين يقدَّم بعمق واحتراف، لا يعرف حدودًا جغرافية ولا لغوية، بل يمتد إلى كل فضاء يتنفس الفن والجمال