«على الحافة» للمخرجة رشا ملحم يحط الرحال بمهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي

صفاء أحمد آغا

يشارك فيلم «على الحافة» للمخرجة رشا ملحم، في مهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي، في دورته الرابعة عشرة المنعقدة حاليا وتستمر حتي الرابع من اكتوبر الجاري، ويتناول قصة شابة يتهمها خطيبها بالخيانة، في مجتمع ريفي يؤمن بعادات وطقوس غريبة، ويجبرها على السير على”حافة”خطيرة كاختبار يشاع أنها تكشف صدق من يمشي عليها وكذبه.

أثناء مسيرتها على الحافة، تتعرض لضغوط ومضايقات من الجموع وأهل القرية، إلى أن تتكشف النتيجة التي لم يكن يتوقعها أي من خطيبها أو أهل القرية.

قضايا المرأة

الفيلم يتداخل فيه البعد الاجتماعي والرمزي، كقضايا المرأة والاتهام ، حيث يطرح العمل تساؤلات حول كيف تتّهم المرأة بالخيانة بناءً على الشكوك والأعراف المجتمعية، وكيف يحرَّمون التعامل معها أو يرغمونها على خوض اختبارات غير منطقية لإثبات براءتها.

من خلال الطاعة مقابل الحرية، الشيء الذي يتسبب في الصراع بين العادات والتقاليد من جهة، ورغبة الفرد في التحرر، يظهر بشكل جلي في إجبار البطلة على هذا الاختبار الفلكلوري الغريب.

رؤية أسطورية

وفكرة حافة تكشف الصدق أو الكذب توظَّف هنا كرؤية أسطورية أو أسطورية محملة بدلالات، تضع المرأة في موقف تجريبي شبيه بمحاكم العهد القديم، وليس موازٍ للقانون أو الحقّ الواضح ، فمن خلال حضور أهل القرية والجهات التي تضغط على البطلة، مقابل قرارات وتصميم الشخصية الفردية التي تعيش الاختبار، يعطي توتراً بين المجموع والفرد.

على الرغم من قصر مدة الفيلم، إلا أن رشا ملحم تحاول استثمار كل عنصر بصري وسمعي ليعزز التجربة الرمزية ، ومن خلال استخدام الحافة كموقع مكاني يعكس حالة التوتر والتهديد، ويجعل المشهد مركزياً بين العالمين (العادي والمجازي) ، فإعتماد  المخرجة على الصورة لكي تنقل التوتر والرهبة من المشهد هو أمر متوقع في مثل هذه الأعمال الرمزية، وكذلك الصوت الذي قد يلعب دورًا في تضخيم حضور الجمهور أو الهمس الداخلي للبطلة، خاصة في مشاهد الحضيض أو المواجهة .

لحظات مفصلية

فالعمل ضمن إطار زمني ضيق (10 دقائق) يفرض على المخرجة الاقتصار على لحظات مفصلية وترك الكثير بين السطور للمشاهد ليفكّر بها  ، فإعتماد تركيبة السرد المكثف التي إعتمدتها المخرجة رشا ملحم قدرتها على تقديم فكرة معقدة في وقت محدود، مع الاحتفاظ بالرمزية والدلالة.

  •   لأن موضوع حساس وجريء: اختيارها لموضوع الاتهام والخيانة في سياق نسائي يتيح مساحة للنقاش حول القيم المجتمعية وأدوار المرأة،  والعمل القصير غالباً ما يكون تحدياً تقنياً وميزانياً، لكن يبدو أن ملحم تعاملت مع هذه التحديات بأسلوب مقنع.

مهرجانات وجوائز

الفيلم شارك في مهرجان “الأفلام للمساواة” في الدار البيضاء بالمغرب كمحطة أولى لعرضه، كما عرض في دمشق ضمن عرض أول للجمهور السوري في شهر أيار، وشارك أيضًا ضمن المسابقة الرسمية (فئة المحترفين) في مهرجان “طنجة زووم للسينما الاجتماعية” في سبتمبر 2025 ، وحصل الفيلم على “تنويه خاص” من لجنة تحكيم مهرجان طنجة.

ولا ننسى أن فكرة و ذكاء المخرجة بتخصيص  الفيلم للمهرجانات الاجتماعية يمنحه فرصة تواصل مع جمهور يهتم بالقضايا الإنسانية والفكرية.