شهدت الدورة الثالثة لمهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي، برئاسة د.داليا همام، ندوة “ تفاعل الطفل مع الفنون”،ادارتها د.أميرة الشوادفي، وبمشاركة كلاً من د.مسعود شومان، ود.علي الجنفدي من اليمن، ود.أسامة محمد علي، والمخرجة نادية الشويخ.
واستهلت د.أميرة الشوادفي حديثها قائلة: مسرح الطفل هو وسيلة تربوية وترفيهية تسهم في تنمية خيال الطفل وقدرته على التعبير والفهم. من خلال العروض المسرحية، يتعلم الطفل القيم الإنسانية مثل التعاون والصدق والشجاعة
كما ينمي حسه الفني ويكتسب الثقة بالنفس، مما يجعله أداة فعالة في بناء شخصية متوازنة ومبدعة، ويعد مسرح الطفل جسرًا بين التعليم والمتعة، فهو يقدم المعرفة في صورة قصص مشوقة وحوارات ممتعة تزرع في الطفل حب التعلم. كما يساعده على فهم العالم من حوله بطريقة بسيطة، ويعزز قدرته على التواصل، وينمّي خياله، ويجعله أكثر وعيًا بنفسه وبالآخرين في المجتمع.

أسس علمية
ومن جانبه قال د.مسعود شومان:أتمنى أن يتّسع المهرجان في دوراته القادمة ويحقق نجاحًا أكبر، خاصة في جانبه العلمي، لأنه غالبًا لا يمنح الاهتمام الكافي رغم أننا ننطلق من أسس علمية راسخة، موضوع بحثي يدور حول قضية شديدة الأهمية، تتعلق بكيفية قراءة صورة “الطفلة – البنت” في التراث الشعبي.
وقد جمعت موسوعة عن أغنيات الطفل الشعبية ضمن “الموسوعة المصرية”، من أكثر من 20 محافظة، من خلال جمع ميداني بلغ 620 أغنية، سواء كانت أغنيات قيلت للطفل أو غناها الطفل بنفسه، وسنتناول في هذا السياق نقطة دقيقة جدًا، إذ يشيع حاليًا رأي بأن التراث الشعبي كان يحتكر الأنثى، لكن الحقيقة أنه كان يكنّ لها احترامًا كبيرًا ويعلي من مكانتها.
الكلمة هي البداية
وقال د.أسامة محمد علي: الكلمة هي البداية دائمًا، فهي مصدر الإلهام ومحرّك الخيال. عندما أقرأ، لا أستخدم عيني الخارجية فحسب، بل أرى بعيني الداخلية التي تبصر المعنى وتتجاوز الحروف. التكنولوجيا، شأنها شأن أي اختراع بشري، وسيلة يمكن أن نحلق بها نحو الخير أو ننزلق بها إلى الشر، فهي في جوهرها أداة في يد الإنسان.
وتابع: قضيتنا هي الطفل، لكن الطفل لم يخلق فجأة، بل هو إنسان في مرحلة عمرية محددة يسعى بطبيعته إلى التطور والنمو المستدام والإنسانية.
فالإنسان البدائي اكتسب مهاراته من بيئته وجغرافيته، وكانت تحركه رغباته البيولوجية، ثم بدأ التعبير عن ذاته بأولى أشكال الكتابة، تلك الرسوم المنقوشة على الجدران التي حفظت ذاكرة الوعي الإنساني الأول، التكنولوجيا اليوم ليست إلا امتدادًا لتلك الرسوم الأولى، فهدفها إيصال فكرة ورسالة تعزّز الأثر المعرفي وتنمّي الوعي. غير أن دخولنا إلى عالمها لا يجب أن يكون عشوائيًا، بل قائمًا على معرفة حقيقية عميقة، لأن المعرفة هي الأساس الذي يضمن أن نستخدم التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا أن نصبح نحن خدمًا لها.
ذكاء فطري
ومن جانبه قال د.على الجنفدي من اليمن: المهرجان موجه للطفل وموجه للمهتمين بالطفل وصناع الطفل، والطفل هو مرآة الغد، فحين نهتم بعقله ووجدانه نصنع أمة تعرف طريقها نحو النور.
الطفل العربي يملك طاقة خلاقة وذكاء فطري يحتاج فقط إلى من يمنحه الثقة والفرصة ليعبّر ويبتكر. حين رأيت الأطفال الذين شاركوا في افتتاح المتحف المصري الكبير، أدركت أن في وجوههم بريق الحضارة ذاتها، وأنهم الامتداد الحقيقي لملوك وأبطال تركوا للعالم أعظم تراث. هؤلاء الصغار لم يكونوا مجرد مؤدين في احتفال عالمي، بل كانوا رمزًا لنهضة جديدة تبدأ من وعي الطفل، وتنضج حين نمنحه مكانه الطبيعي في صناعة المستقبل.
وأكدت المخرجة نادية الشويخ قائلة: عندما طلب مني دكتور أسامة أن أقدّم عرضًا للأطفال، شعرت بالخوف الشديد، لأني أم ولدي أطفال، وكنت قلقة من كيفية مخاطبة عقولهم وفهم طريقة تفكيرهم. كان لدي حلم منذ زمن بأن أوصل للأطفال معلومات بطريقة يحبونها ويستمتعون بها.
اكتشفت أن الهاتف المحمول واللاب توب هما أكثر الأشياء التي تتحكم في تفكيرهم، وأنه من خلالهما أستطيع أن أوضح لهم ما هو صواب وما هو خطأ.
وتابعت: اخترت الابتعاد عن التراث التقليدي، لأنهم لن يتمكنوا من استيعابه بسهولة، وركزت على توصيل الفكرة بأنني لا أعارض التكنولوجيا، لكن ليس كل شيء فيها صحيح. الأهم هو وجود لغة حوار بيننا وبينهم، وفكرة الترابط الأسري لها أهمية كبيرة. من هذا المنطلق جاءت فكرة عرض ذات الرداء الأحمر، الذي يجمع بين المتعة والتعليم ويعزز التواصل مع الطفل بطريقة تناسبه.
