علي عبد الخالق..الحاضر الغائب بفيلم «السويس مدينتي» بافتتاح مهرجان VS-FILM

بقلم : محمد قناوي

في لحظة مفعمة بالحنين والاعتراف بجميل الكبار، استحضر مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدًا روح المخرج الكبير علي عبد الخالق في افتتاح دورته الثانية بفيلم “السويس مدينتي”، الذي شكل تحية سينمائية بليغة إلى واحد من أبرز من رسخوا ملامح السينما الواقعية في مصر والعالم العربي.

منذ اللقطة الأولى للفيلم، بدا الحضور الرمزي لعبد الخالق طاغيًا؛ ليس بوصفه مخرجًا غائبًا فحسب، بل باعتباره ذاكرة حية للسينما التي التقطت نبض الشارع المصري وملامح الإنسان البسيط في مواجهة التحولات الكبرى، وكأن الفيلم القصير – رغم قصر مدته – قرر أن يفتح نافذة على الإرث الإبداعي لرجل علّم أجيالًا كاملة كيف تكون الصورة موقفًا من الحياة، لا مجرد مشهد من فيلم.

السويس.. مدينة الذاكرة والمقاومة

اختيار فيلم “السويس مدينتي” لافتتاح المهرجان لم يكن محض مصادفة، فهذه المدينة التي واجهت الحروب والدمار والنهضة، تشبه في عمقها الإنساني ما كان علي عبد الخالق يبحث عنه دائمًا: الإنسان في لحظته الصادقة، المقهور والمقاوم والعاشق للحياة في آنٍ واحد.
الفيلم حمل بين مشاهده القصيرة ومضات من ذاكرة المكان والناس، مزج بين التوثيق والخيال، بين الألم والأمل، تمامًا كما كان يفعل عبد الخالق في أعماله الكبرى مثل إعدام ميت والعار والكيف.

المهرجان وذاكرة السينما

مهرجان VS-FILM، في نسخته الثانية، لم يكتف بتقديم منصة عالمية للأفلام القصيرة جدًا، بل منح دلالات ثقافية وإنسانية عميقة حين جعل من فيلم “السويس مدينتي” مرثية فنية لكبير المخرجين. بهذا المعنى، جاء الافتتاح أشبه بوقفة تأمل في علاقة السينما بالذاكرة، وكيف يمكن للفيلم القصير – رغم قصره – أن يكون وثيقة وجدانية تعيد الاعتبار للرموز التي غادرت الجسد وبقيت في الصورة.

بين الغياب والحضور

علي عبد الخالق لم يكن يومًا غائبًا عن الوجدان السينمائي. حضوره في ذاكرة المبدعين الشباب واضح في لغتهم البصرية واختياراتهم الجمالية، وهو ما تجسده مبادرة المهرجان في استحضار اسمه داخل عمل يفيض بطاقة الإخلاص للمدينة وللسينما معًا ، لقد غاب الجسد، لكن ظلت روح المخرج الكبير حاضرة في كل كادر يحمل الصدق والشغف والإنسان.

بهذا التكريم الفني الرفيع، يؤكد مهرجان VS-FILM أن السينما ليست فقط كاميرا ولقطة وزاوية، بل هي ذاكرة ووجدان وتحية مستمرة لمن صنعوا الحلم، وعلي عبد الخالق، في فيلم “السويس مدينتي”، هو الحاضر الغائب الذي يذكّرنا بأن الإبداع الحقيقي لا يرحل.