صفاء أحمد آغا
أسدل الستار مساء الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 على الدورة الثامنة من المهرجان الدولي للمسرح وفنون الخشبة بأكادير، بعد خمسة أيامٍ مكثفةٍ من الإبداع، والحوار، والتفاعل الثقافي، جعلت من المدينة المغربية فضاءً كونيًا مفتوحًا على العالم.
انعقد المهرجان تحت شعارٍ دالّ: “المسرح جسر للتواصل الثقافي والإبداع الإنساني”، وهو شعار لم يبقَ مجرد لافتةٍ بل تجسّد في العروض، والندوات، والورش، واللقاءات التي جمعت فنانين من المغرب والسعودية والإمارات وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا وألمانيا والسنغال وبنين، ليصبح المهرجان بحق منصةً للتنوع الثقافي وتبادل الخبرات.
مسرح يعانق الإنسان والواقع
تنوّعت العروض المسرحية التي شهدتها أيام المهرجان بين التجريبي والواقعي، وبين المحلي والكوني، لتقدّم مقاربات فنية جريئة لقضايا الهوية، والحرية، والسلام، في محاولةٍ لجعل الخشبة مرآةً للإنسان وهمومه.
كما شكلت الورش التكوينية والماستر كلاس مساحةً للتكوين والتبادل بين الأجيال، حيث التقى فيها الشباب الموهوبون بمخرجين وممثلين محترفين نقلوا تجاربهم وأساليبهم في الأداء والإخراج.
نقاش فكريٌّ يواكب الفعل المسرحي
لم يقتصر المهرجان على العروض الفنية، بل أفسح المجال أمام التفكير في قضايا المسرح الراهنة من خلال ندواتٍ ولقاءاتٍ فكريةٍ، منها “الحماية الاجتماعية للفنانين” و“المسرح الخليجي بين التجربة والتجديد”، وهي مواضيع تلامس جوهر الممارسة المسرحية اليوم وتبحث في شروط استدامتها.
تكريمٌ لروّاد العطاء المسرحي
في لحظةٍ مؤثرةٍ، كرّم المهرجان الفنان السعودي فهد ردة الحارثي تقديرًا لمسيرته وإسهاماته في تطوير المسرح الخليجي، وتسلم الجائزة نيابةً عنه الفنان إبراهيم لعسيري. كما شمل التكريم عددًا من الفنانين المغاربة والعرب الذين أثروا خشبات المسرح العربي بإبداعاتهم.
أكادير.. عاصمة المسرح الإنساني
أكد مدير المهرجان في كلمته الختامية أن هذه الدورة عززت موقع أكادير كـ”عاصمةٍ ثقافيةٍ للمسرح الدولي”، مشددًا على أن الهدف الأسمى هو “صناعة لقاء إنساني عبر لغة الخشبة وتبادل الإبداع بين الثقافات”.
وقد تفاعل الجمهور مع العروض والختام بحفاوةٍ بالغة، في مشهدٍ يعكس عمق العلاقة بين المسرح والإنسان، بين الفن والحياة.
هكذا اختُتمت الدورة الثامنة على وعدٍ بدورةٍ تاسعةٍ أكثر إشراقًا، تواصل الاحتفاء بالمسرح كفنٍّ جامعٍ يرمم المسافات ويعيد للإنسان قدرته على الحلم والإنصات للآخر.. ففي أكادير، لم يكن المسرح مجرد عرضٍ يقدَّم، بل حياةٌ تعاش على الخشبة.
