نورا أنور تكتب : «مملكة الحرير».. فانتازيا ساحرة عن صراعات العرش

لا شك أن للمنصات الرقمية تأثير إيجابي كبيرعلي حالة التطور التي حدثت في الدراما التليفزيونية سواء علي مستوي الإنتاج والإبهار الإخراجي وصولا نوعية طبيعة  الموضوعات والقضايا التي تتناولها والتي ربما تحجم شركات الانتاج لتقيديمها في مسلسلات طويلة، فالعدد القليل لحلقات مسلسلات المنصات” 8 أو 10″حلقات ، أدي إلي تحمس شركات الإنتاج والمبدعين علي تقديم أعمال مختلفة ومتميزة .

ومن الأعمال الدرامية التي استفادت من تقديمها عبر منصة رقمية مسلسل”مملكة الحرير” 10 حلقات فقط، والذي تعرضه منصة يانغو بلاي، والذي ينتمي إلي الفانتازيا التاريخية، وتقوم علي الخيال الواسع، والخرافات والأساطير

“مملكة الحرير” طبقا لتترات العمل من تأليف وإخراج بيتر ميمي، وشارك في كتابة الحوار السيناريست أحمد حسني، ويقوم ببطولته كريم محمود عبد العزيز وأسماء أبو اليزيد وأحمد غزي وعدد آخر من الفنانين

الخيال والفانتازيا

وتدور احداث “مملكة الحرير” في إطار من الخيال والفانتازيا، في اللامكان واللازمان ، حول صراع الأشقاء علي عرش المملكة التي يطلق عليها “مملكة الحرير” دون ان يخبرنا مؤلف العمل السبب في تسمية المملكة بهذا الأسم ، تفتتح الحلقة الأول من المسلسل – والتي  تكشف الفكرة الرئيسية للعمل وهي الصراع علي عرش المملكة بين الأمير” شمس الدين – كريم محمود عبد العزيز” والأمير جلال الدين – احمد غزي ، والأميرة”جليلة”- أسماء أبو اليزيد-  أبناء الملك نور الدين ، وبصوت الراوي “حسن العدل- يتم تقديم الأحداث بالعودة لقصة قابيل وهابيل ، واننا جميعا كبشر ابناء القاتل.

ثم ينتقل بالأحداث بقيام ولي العهد الأمير “الذهبي” الذي يلعب دوره “عمرو عبد الجليل ، بقتل شقيقه الملك نور الدين، ويحاول قتل ابنيه وريثي عرش مملكة الحرير” شمس الدين وجلال الدين”، لكن الخادم رضوان “محمود البزاوي ” الذي يقوم بالإشراف علي تربية الأميرين يقوم بالهروب بهما ويترك خلفه الأميرة جليلة لأنها أنثي فلن يقتلها عمها ، واثناء رحلة هروب “رضوان”بتعرض له قطاع الطرق ، ويفترق الاميرين أحدهما يتم بيعه ليتربي في جيش العبيد ، والثني يتبناه اللص وقاطع الطريق ليصنع منه حرامي، وهو ما يخلق تباينا مثيرا في شخصيتيهما وطرق تفكيرهما وهذا مهد لصدام حتمي بينهما عندما يجتمعان مجددًا.

تشابك الأحداث

تتوالى الأحداث بوتيرة متصاعدة، فمن هروب جلال الدين وتشكيل جيش لمحاربة “الذهبي” إلى تعيين شمس الدين قائدا للحرس الملكي من قبل عدو والده دون علمه بحقيقته الكاملة ، تتشابك الخيوط مع ظهور شخصية “جليلة” الأخت التي تجبر على الهرب ويساعدها “شمس الدين” لتصبح لاحقًا أميرة على جيش كبير وهو جيش العبيد ، وصراع جلال الدين على استعادة حقه وصراع شمس الدين بين واجبه تجاه سيده الجديد وولائه الخفي وصراع جليلة على البقاء والقوة، تضاف إليها حبكة فرعية مع شخصية “ريحانة” – سارة التونسي-  التي تسيطر على جيش من النساء وتصبح ست الارض السودة وتنتقم بنشر الطاعون ما يزيد من تعقيد الأحداث ويضيف عنصر الغموض والمؤامرة.

تصل القصة إلى ذروتها في الحلقات الأخيرة حيث تتكشف الحقائق وتتغير التحالفات بسرعة قتل “الدهبي” على يد “شمس الدين” وموت “جليلة” وصراع “شمس الدين وجلال الدين” الذي ينتهي بسيطرة “شمس الدين” على “مملكة الحرير”، كلها أحداث متسارعة تحافظ على التشويق وتترك المشاهد في حالة ترقب.

رصيد جيد

يمتلك المخرج بيتر ميمي  رصيدا جيدا في عالم الفانتازيا حيث قدمها في اعماله السابقة كان آخرها مسلسل”الحشاشين” ثم فيلم “المشروع x ” لذلك يعتبرها منطقته

لذلك كان الإخراج نقطة قوة رئيسية في “مملكة الحرير” ونجح بقوة في استخدام مؤثرات بصرية متقدمة ومشاهد قتالية مصممة بعناية مما يضفي على العمل طابعا ملحميًا ويتضح حرصه على بناء عالم بصري متكامل للمملكة من القصور الفخمة إلى البيئات القاحلة للجبال والصحاري.

تنتقل الكاميرا بسلاسة بين المشاهد الداخلية والخارجية وتبرزالزوايا المختلفة المشاعر المتضاربة للشخصيات، كما نجح ميمي في إدارة المشاهد الجماعية والمعارك الكبيرة، مما يعطي إحساسًا بالحجم والضخامة للقصة رغم ضعف السيناريو في بعض الحلقات ، ولكن الإيقاع السريع في كثير من الأحيان خاصة في مشاهد المطاردات والاشتباكات يساهم في الحفاظ على انتباه المشاهد.

العناصر الأخري

لعبت الموسيقى التصويرية دورا محوريا في تعزيزالأجواء الدرامية وتحديد نبرة المشاهد المختلفة تتراوح الموسيقى بين المقطوعات الحماسية في مشاهد القتال والمطاردات والألحان الهادئة والحزينة التي تعكس لحظات الحزن والخسارة أو التفكير العميق للشخصيات، مستخدما آلات وألحانا شرقية وغربية على حد سواء لخلق توقيع صوتي فريد يتماشى مع طبيعة العمل الفانتازي.

أما الملابس والديكور وهي العنصر الرئيسي في نوعية مسلسلات الفانتازيا حيث يظهر اهتمام واضح بتفاصيل الملابس والديكورات في “مملكة الحرير” وهو أمر حيوي لأي عمل فانتازيا تاريخية ،فجاء تصميم الأزياء ليعكس الطبقات الاجتماعية المختلفة للشخصيات من فخامة ملابس الملوك والأمراء إلى بساطة ملابس الجنود والعبيد واللصوص، لذا فقد تميزت الملابش بلمسة من الخيال في التصميمات لتلائم طبيعة المملكة الخيالية مع الحفاظ على إشارات تاريخية معينة لإضفاء المصداقية

أما الديكورات فساهم في بناء عالم المسلسل بشكل ملموس من تصميم القصور الفخمة وغرف العرش إلى الأماكن الطبيعية التي تدور فيها الأحداث كل تفصيلة في الديكور تهدف إلى نقل المشاهد إلى العصر والبيئة التي تدور فيها الأحداث.

الإضاءة والديكورات تعملان معا لخلق أجواء مختلفة سواء كانت مظلمة وغامضة في الأقبية والسجون أو مشرقة ومهيبة في القاعات الملكية.

الإنتاج لتامر مرسي قد استثمرفي “مملكة الحرير” لان نوعية هذه الاعمال تستلزم ميزانية ضخمة وهو ما يتضح من خلال جودة المؤثرات البصرية وتصوير المعارك الكبيرة وتصميم الأزياء والديكورات المتقنة.