مجددا يعود المخرج الإيراني سعيد روستائي إلى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي بعمل سينمائي كبير يرسخ مكانته وقيمته ويؤكد أن السينما الإيرانية رغم كل الظروف التى تحيط بها تظل نابضة بالابدع والمضامين الفكرية التى تذهب بعيدا في طروحاتها الاجتماعية والسياسية، وهو فيلم «إمرأة وطفل».
في الفيلم نتابع حكاية مهناز” باريناز ازاديار” ممرضة أرملة تبلغ من العمر أربعين عامًا، تعاني مع ابنها المتمرد عليار”سنان محبي”، المفصول من المدرسة. تبلغ التوترات العائلية ذروتها خلال حفل خطوبتها من حبيبها الجديد حامد، ويقع حادث مأساوي. في أعقاب ذلك، تجبر مهناز على مواجهة الخيانة والفقد، والشروع في رحلة بحث عن العدالة..
خلال تلك اللحظات المجلجلة في حياتها يخلف خطيبها الجديد وعده وبدلا من ان يتقدم لخطبتها يطلب يد شقيقتها مهري” سها نيزاتي”في الوقت الذي يفصل به ابنها الاكبر” عليار – 14 عاما” لمدة اسبوع . وليتم ابلاغها لاحقا انه سقط من نافذة المنزل وسقط ليفقد حياته . وهنا تبدأ رحلتها في البحث عن حيثيات ذلك السقوط حيث تتكشف لها الكثيرمن الاسرار والحقائق وتنطلق بدورها في رحلة القصاص وتحقيق العدالة ..
في فيلمه السابق – اخوة ليلي – ذهب روستائي الى تحليل اثر الازمات الاقتصادية على الاسرة الايرانية والعلاقة بين الاخوة وافراد الاسرة . وهو هنا في الفيلم الذى كتب له ايضا السيناريو يشتغل على موضوع الاسرة وتداعيات حادثة موت الطفل على الجميع في مواجهة تصل الى حد الاقتتال .. ولكن ايهما اهم الثأر او الاسرة ؟ من خلال هذا السوال تمضي احدث هذا الفيلم الثري والعميق والعامر باداءات تصل الى حد التجليات للفنانة باريناز ازديار التى تجسد شخصية مهناز المراة التى تحملت مسؤولية اطفالها وحرمت من كل شي حتى الفرح باطفالها .
إن موجة المشاعر والآراء التي أثارها فيلم “المرأة والطفل” حتى قبل أن يعرض، دفعت المخرج الإيراني محمد رسولوف، الذي فرّ من إيران إلى أوروبا في مايو/أيار 2024 بعد أن حكمت عليه السلطات الإيرانية لإخراجه فيلم “بذرة التين المقدس”، إلى الدفاع بقوة عن روستايي. وتدخل رسولوف بعد أن زعمت مجموعة من المخرجين المعارضين للنظام الإيراني أن مهرجان كان السينمائي قد انصاعت للسلطات الإيرانية باختياره فيلم “المرأة والطفل”، والذي يقولون إنه أنتج بإذن حكومي، وبالتالي يجب اعتباره “فيلمًا دعائيًا” في وقت يأتى الفيلم مشبعا بالنقد للتعليم والتربية والصحة والقضاء ..
وحتى لا نطيل لاننا امام فيلم يتطلب كثير من الاشتغال على تفكيك العلاقات والمصالح والرغبات عبر لغة سينمائية مصنوعة بعناية لمخرج يعي حرفته ويقدم دائما الحلول الذكية اللماحة من خلال حكاية تبدو بسيطة للوهلة الاولي ولكن مع تداهيات نكتشف عمل ما يسعي الى تقديمة للمشاهد حول العالم ..
فيلم – امراة وطفل- سينما ايرانية عالية الكعب .