عبدالستار ناجي
يشتغل المخرج اليفر هيرمانوس – جنوب افريقيا – على معادلات باتت تمثل الحاضر الأساسي كما هي عناوين اعماله ومنها : الحياة والجمال ، وغيرها واليوم يحط رحالة في محطة هامة في تجربته حيث فيلم «تاريخ الصوت» ، في رحلة مشبعة بالارث الموسيقي الشعبي عبر قصة علاقة تجمع بين “ليونيل” و “دايفيد” .
ونشير هنا الى ان فيلم «تاريخ الصوت» لأوليفر هيرمانوس يحظي بإعجاب النقاد والجمهور في كان؛ رغم بعض ملامح الضعف وذو ايقاع رتيب ولكن تاتى الموسيقي وتلك الاصوات الحقيقية القادمة من الانحاء الاميركية لتمنحه مساحة من القوة والتفرد وهو في الأصل قصة قصيرة لبن شاتوك، ثم أصبح فيلمًا يشبه فيلم “جبل بروكباك”، بنبرةٍ تعبّر عن رهبةٍ مستمرةٍ من حزنه حتى الانفصال بين الصديقين الحبيبن بعد فترة من الافتراق والانشغال .
قدّم هيرمانوس أفلامًا رائعةً في الماضي، منها “الجمال” و”الحياة”، لكن هذا الفيلم مصَمَّمٌ تقريبًا بقيمه الراقية، محلقا تحت ستار الرقي والموسيقي الشعبية .
المتن الحكائي ياخذنا الى حكاية شابين من أمريكا في أوائل القرن العشرين، مغني وباحث موسيقي أكاديمي، يلتقيان في معهد بوسطن للموسيقى قبيل دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى. وفي صيف عام ١٩٢٠، يتجولان في تلال وغابات ريف مين، ويلتقيان بسكان محليين ويسجلان أغانيهم الشعبية الأصيلة على أسطوانات شمعية، وينامان تحت النجوم ويقعان في الحب. وعندما يفرق القدر بينهما في السنوات التالية، تصبح قصة حبهما أكثر إيلامًا حيث الفراق والوحدة وربما ارتباط كل منهما الا ان ما يجمعهما يبقي نابضا .
إنهما ليونيل، فتى مزارع من كنتاكي، يؤدي دوره بول ميسكال – يكشف صوته الرنان والمهيب في البداية عن امتلاكه طبقة صوتية مثالية وحسًا متزامنًا، أي القدرة على فهم الموسيقى من حيث الذوق واللون والصوت – لكن هذه القدرات لا تظهر في الفيلم.
الآخر هو ديفيد، يؤدي دوره جوش أوكونور، وهو رجل من خلفية أكثر امتيازًا، يفتقر إلى موهبة ليونيل الموسيقية الفطرية، ومقدّر له أن يعمل مدرسًا جامعيًا.
ومن المنصف الاشارة الى ان كل من ميسكال وأوكونور ممثلان موهوبان للغاية ولم يقدما أي شيء آخر غير العمل الاحترافي الذي لا تشوبه شائبة عبر تجليات عالية المستوى في الاداء تستحق اكثر من مجرد اشارة واشادة .
فيلم «تاريخ الصوت» عن الموسيقى والحب، لكن الأغاني الشعبية، التي يبدع ميسكال وأوكونور حماسهما لها بشجاعة، تبدو كقطع متحفية محفوظة تحت الزجاج، وقصة الحب نفسها تبدو وكأنها محفوظة تحت الزجاج. تبدو اللهجات وقراءات السطور أشبه بإعادة بناء دقيقة ومتقنة من قِبل خبراء أكثر منها قصة حقيقية.
في الفيلم رحلة عذب بين الموسيقي والحب والحنين والغربة وقبل كل هذا الاكتشاف حيث يعود ليونيل لاحقا ليولف كتابا عن تلك التجربة بعد ان حصل على اغاني تلك الرحلة الهامة والتى تعتبر وثيقة هذا للاغاني الشعبية في اميركا .
ولاننا امام معادلة الحب والموسيقي فان الاعجاب قادم .. حتما .