كتب عبدالستار ناجي :
تظل معادلة المجايلة ، الأكثر حضورا ضمن القراءة الأولية ، لعرض الدورة الخامسة عشر ، لمهرجان المسرح العربي 2025 ، الذى استضافته العاصمة العمانية مسقط ، وتنظمة الهيئة العربية للمسرح .
المجايلة عنوان رئيسي في ضمن الاختيارات ، التى قدمها المهرجان ، حيث ذلك الحضور المشبع بالبهاء لجيل من الكبار ، وفي المقابل تلك الكوكبة من المبدعين الشباب، الذين حطوا الرحال، ليزرعوا بصمتهم في ذاكرة ووجدان الحرفة المسرحية .

جيل الكبار
والحديث عن جيل الكبار ، يعنى بالضرورة الحديث عن المبدع المسرحي العراقي الكبير ، د.جواد الأسدى ، الذى راح يستحضر كل مفردات الألم ، وهو ينعي المدن المنهارة عبر مسرحية ” سيرك “، للفرقة القومية للتمثيل “العراق “.
ومن خلال حكاية سيرك ، اصابة الدمار نتيجة القصف والدمار، الذى لحق بالمدينة ، وثلاثة شخصيات محورية ، راحت تعزف على مقام الالم والهم الانسانى ، وازدحام الاسئلة التى لا تفارقنا ، حتى بعد انتهاء العرض .

مسرح الشارقة
ومن جيل الكبار ، يأتى المخرج الإماراتي المتميز محمد العامري، بمسرحية “كيف نسامحنا “، لفرقة مسرح الشارقة – دولة الامارات العربية المتحدة ، واستحضار عال الكعب للهم العربي ، وحكاية تلك المرأة التى ترفض للانصياع لاطماع ورغبات سكان العمارة ، فاذا نحن امام رموز مشبعة الثراء ، والعمق والمضامين الكبري .
عرض مسرحي مشبع ، بالبوح والنقد والموقف تاره ، مما يحيط بدلالات الرمز الذي تمثله المرأة “فلسطين ” ، وايضا مواقف التيارات المحيطة، من سلطة اقتصادية ودينية ونفعية ، والنص للكاتب القدير، اسماعيل عبدالله .
ومن الكبار ايضا ، المخرجة المغربية اسماء هوري حيث”هم “، التى تاخذنا الى حالة من الانشطار تعانى منه احدي الشخصيات وهى تبحث عن المنفذ للخلاص .

نساء لوركا
من الكبار ، هناك المخرجة العراقية القديرة د . عواطف نعيم، بمسرحية ” نساء لوركا “، التى تقدم لنا على الخشبة كوكبة متميزة، من اهم نجمات المسرح العراقي ، وهن يصرخن ألما يتجاوز حدود ألم شخصيات لوركا ، من خلال اداءات وتجليات ابداعية رصينة .

عمق التاريخ التونسي
وهناك ايضا المخرجة التونسية الكبيرة ، دليلة مفتاحي، التى تأخذنا من خلال مسرحية “هاجة ” ، الى حكاية اربعة مناضلات ، من عمق التاريخ التونسي ، ومناهضة الاستعمار الفرنسي، يجدن انفسهن في المطار للهجرة نتيجة الاجحاف والنسيان .
من جيل الوسط، تاتى تجربة العماني يوسف البلوشي، بمسرحية ” اسطورة شجرة اللبنان “، ذلك العرض المشبع بالثراء والصراع من اجل الحب، الذى يجمع جميع العوالم ، والعرض لفرقة مزون المسرحية – سلطنة عمان – .

غصة عبور
وتتداعي الاجيال ، ومن جيل الشباب هناك المخرج الكويتي محمد الانصاري، في مسرحية “غصة عبور “، لفرقة المسرح الكويتي ، وحكاية اربع شخصيات ، تجد نفسها معلقة على جسر يتهاوي ، وتتفجر معاناتهم بحثا عن الخلاص ، والنجاة في زمن لا يرحم .

البخارة التونسية
في مسرحية “البخارة “، لفرقة اوبرا تونس قطب المسرح ، يقدم المخرج الشاب صادق الطرابلسي ، معاناة وألم أسرة في احدي المدن التونسية ، التى تتعرض الى دمار بئيي ، ضمن تجربة ثرية في التعرض، للعلاقة بين المسرح والبئية .
من جيل الشباب ، هناك المسرحية القطرية ” بين قلبين ” ، لفرقة مشيرب للانتاج الفني – قطر ، من توقيع المخرج محمد يوسف الملا ، حيث اجاد معادلة الحسابات الدقيقة لصناعة ، وتقديم عرض مسرحي متوازنه وثرية .

ذاكرة صفراء
وفي المحطة الاخيرة ، نتوقف عن تجربة المخرج السعودي الشاب، حسين العلي مع مسرحية”ذاكرة صفراء “، الذي يلقي مرساته مع نص الكاتب عباس الحايك، الذي يأخذنا إلى حكاية فنان تشكيلي ثلاثينى، يعيش حالة من العزلة والتشظى، نتيجة الحروب والضغوط الاسرية ، في كتابة ذكية للحلول الإخراجية واعدة .
ويبقي ان نقول … المجايلة ، عنوان محوري لعروض مهرجان المسرح العربي ، في دورته الخامسة عشر ، وان ظل الرهان دائما علي جيل الشباب .