نظم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45، باليوم الرابع من فاعليات، على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، «ماستر كلاس» مع المخرج الكبير يسري نصر الله، ضمن فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما.
في بداية حديثه أكد المخرج يسري نصرالله، إن مصر واجهت الكثير من الصعاب التي يمكنها أن تعصف بدول كبرى، ولكننا نمتلك غريزة البقاء ولكني أسميها “هبة البقاء “
واشار نصرالله إن أفلامه يطلق عليها افلام سياسية ، ولكنه لا يصنفها كذلك، ويرى فقط إنه يحكي قصص حقيقية، لأحداث من واقع الحياة اليومية لأشخاص عاصروا الأحداث التي واكبت زمن الفيلم .

وأكد أن الفيلم الوحيد الذي يراه سياسياً هو “الماء والخضرة والوجه الحسن “، لأنه يضم كلاماً عن العيش والحرية والكرامة، لكن الأفلام الأخرى السياسة موجودة فيها بدون قصد.
وأشار إلى أنه عندما قدم فيلم ” سرقات صيفية ” تم رفضه في الرقابة في البداية لاعتقادهم أنه يهاجم نظام الرئيس جمال عبد الناصر، رغم انه لم يقصد ان هذا وكل ما ارادة تقديمه فيلم يحكي عن أسر تعيش لحظة معينة في فترة معينة بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وأيضاً في فيلم ” باب الشمس ” كان همي الحديث عن الناس أكثر من كونه عملاً يتناول القضية الفلسطينية، وكذلك فيلم ” بعد الموقعة ” كنت أركز فيه على أشخاص داخل حدث تاريخي جلل وكيف تكون حياتهم في هذا الظرف.

واكد انه لا أستطيع تقديم أفلام نظرية فلابد من وجود ناس ومكان حقيقيين ، ولا استطيع تقديم عمل لم يشعر إنه حقيقي، واشعر إنه مصطنع ، ويجب على الممثل أن يجد حقيقة الشخصية التي يقدمها ليستطيع القيام بها.
وقال المخرج يسري نصر الله، إنه لا يفهم كلمة “حدود الممثل”، وهو ما يؤمن به المخرج يوسف شاهين، ولكنه متأكد من أن الممثل ليس له حدود، ولكن بشرط أن تختار الممثل المناسب للدور المناسب، وهو سيبهرك بما يستطيع تقديمه، دون أن توجهه أو يشعر بتوجيهك.
ووصف يسرى عن تعاونه مع عدد من الممثلين وترشيحهم لأفلامه، عمرى ما اختارت ممثل عكس الشخصية، وضرب مثلا بالنجم الراحل أحمد زكي كان يصر على التمثيل في فيلم مرسيدس وهو لا يناسب الدور لأن لونه أسمر والولد في الدور أبيض رغم أن أحمد زكي ممثل عظيم وعبقري، الله يرحمه.

وكشف يسري، إنه لم يستطيع إقناع الفنانيين بالعمل بفيلم ” سرقات صيفية ” فاضطر الاستعانة بأبطال جديدة لا يوجد لديهم خبرات تمثيلية. ، بسبب قصته وخوف الفنانيين من كره الجمهور لهم، وهذا الفيلم لم يحقق إيرادات كبيرة، ولكنه أخبر الجميع إنه مخرج يستطيع تقديم شيء ما، كما إنه جعل العلاقة بينه وبين الممثلين أقرب وبسيطة، لإنهم يعلمون جيداً إنه سيختارهم بناء على رؤيته وليس على ما يمكنهم تحقيقه من إيرادات .
وعلق نصر الله، حول سبب تقديمه للأفلام، قائلاً إن طفولته لم تكن سهلة وكانت صعبة جداً، والوقت الوحيد الذي كان يشعر فيه إنه آمنا وسعيداً فقط عندما يشاهد الافلام ، لذلك يقدم أفلاماً لأنه يشعر إنه ليس الطفل الوحيد المعذب في العالم .
وأكد نصر الله أن المتعة مهمة في تنفيذ العمل بتلك «الشغلانة المجنونة شديدة الصعوبة»، على حد تعبيره، موضحًا: «يجب أن يكون العمل ممتعًا، ليس فقط بالنسبة للمخرج، لكن لجميع فريق العمل، وتعلمت ذلك في لوكيشن يوسف شاهين، الذي كان دائماً ملىء بالجمال، ولا أتعاطف مع الأشخاص الذين يتحدثون عن الصعوبات خلال تنفيذ أعمالهم، وإذا لم تستمتع بالعمل لا تقدمه».
وقال المخرج الكبير، خلال ندوة تكريمه، إن أفلامه تشبه الحياة مليئة بالشخصيات حتى «الثانوية»، مشيراً إلى أنه «السنة التي قدمت فيها مرسيدس جرى إنتاج فيلم (الكيت كات)، وعلى عكس فيلمي الذي جرى تصويره في الشارع، جرى تصوير معظم مشاهد الكيت كات في الاستديو، لكن جرى التعامل مع فيلمي على أنه عمل غرائبي، بينما تعاملوا مع الكيت على أنه واقعي للغاية».
ووجه الفنان باسم سمرة تحية للمخرج الكبير يسري نصر الله خلال ندوة تكريمه
وقال: ألف مبروك التكريم لأستاذي وصديقي، أعتبر نفسي محظوظاً أني اشتغلت معاك أكثر من عمل، وبشكرك جداً من قلبي.
وأضاف سمرة: «أتمنى توجيه كلمة للمسئولين عن صناعة السينما، فنحن نتراجع للخلف على مستوى التضييق في منع الأفلام، وأتمنى نظرة منهم لنا».
وعلق يسري نصر الله على كلمة باسم سمرة، وأكد بالفعل أن صناعة السينما «عيانة» بحسب وصفه، مشيراً إلى أنه لا يخشى على صناع السينما في البحث عن طريقهم لخروج أفلام إلى النور ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في كثير من الأمور البيروقراطية المعقدة الخاصة بتنفيذ الأفلام وفي مقدمتها استخراج تصاريح التصوير والتكاليف المرتفعة التي تفرض في هذا الاتجاه.
وعلق المخرج يسري نصر الله عن حقوق السينما في مصر، وسبب منع الكثير من الأفلام وآخرهم فيلم الملحد للمنتج أحمد السبكي، مؤخرًا، وقال: من عام 2011 وهناك اجتماعات وتقارير تكتب لاسترداد حقوق السينما، وفي الآخر (تتركن) بدون أي أسباب، ليه؟!، هذا بخلاف رفع رسوم الرقابة على الفيلم.
واستكمل يسري نصر الله حديثه: دعني أصنع الفيلم ثم راقبه، لدينا حالة عظيمة نعيشها مع فيلم الملحد والرقابة صرحت به، الأزهر لم يرفع قضية الذين رفعوها المحاميين بتهمة إزدراء أديان، ما يعني أن رئيس الرقابة ممكن يدخل السجن لأنه صرح بعرض الملحد الذي لا يحتوي على أي شيء يُسيء للدين مثلما كان يحدث مع أفلام يوسف شاهين.
وتحدث نصر الله عن كونه شخصاً متفائلاً، وقال: «كل الأزمنة التي عشتها كان بها كوارث، وكل أزمة ممرت بها كانت تسير الأمور أفضل مما أتوقع ومن هنا يأتي تفاؤلي، ونحن نعيش في بلد مرت بظروف صعبة كثيرة على مدى التاريخ ومع ذلك موجودة وهذا أروع ما فيها، فنحن دائماً نستطيع المقاومة وإدارة الأمور، وإذا فكرنا في معظم أنشطتنا من الفن والفلسفة والتفكير فهي طريقة نقاوم بيها الإحباط ونحافظ بها على غريزة البقاء».
وقال نصر الله في نهاية «الماستر كلاس»: أطالب هيئة الرقابة على المصنفات الفنية بمزيد من الحرية في الإبداع للمخرجين حتى نتمكن من إخراج أعمال فنية مختلفة.
وأكد ضاحكاً، أن يوسف شاهين كان لا يحب أعمالي ويقول لي لا أفهمها، فأرد عليه وأقول الناس أيضاً لا تفهم أفلامك.
واختتم يسري نصر الله حديثه، قائلاً: جديدي فيلم واقف في الرقابة وهذا من العبثيات، وهناك فيلم آخر بعد أن كان مجازاً رقابياً وتوقفنا لأسباب إنتاجية، تم سحب تصريح إجازته.