افتتاح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..احتفاء بالسينما الحرة ورسائل الفن المقاوم

افتتحت مساء أمس السبت فعاليات الدورة السادسة والثلاثين من أيام قرطاج السينمائية، التى تتواصل حتى السبت 20 ديسمبر، وذلك خلال حفل رسمى احتضنه مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة فى تونس، بحضور واسع لصناع السينما من تونس والعالم العربى وإفريقيا، إلى جانب مشاركين من أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، فى مشهد يؤكد البعد الدولى للمهرجان ومكانته العريقة.

وشهد حفل الافتتاح فقرات فنية وتكريمية ثرية، استهلت بعرض مقتطف من فيلم «نهلة» للمخرج فاروق باللوفة، فى تحية خاصة للفنان زياد الرحبانى، تلاه عرض موسيقى على آلة البيانو قدّمه الفنان عمر الواعر بمشاركة الفنانة مريم العبيدى، حيث قدّما أغنيتى «خدنى معك يا حب» و«بلا ولا شى» من أعمال الرحبانى. كما تضمّن الحفل فقرة «سينما تحت المجهر»، المخصّصة هذا العام للاحتفاء بالسينما الأرمنية والفلبينية والإسبانية.

تكريمات عالمية

وكرّم المهرجان خلال الافتتاح النجمة العالمية من أصول تونسية كلوديا كاردينالى، إلى جانب نخبة من كبار صناع السينما العربية والإفريقية والعالمية، من بينهم محمد الأخضر حمينة من الجزائر، وسليمان سيسيه من مالى، وبولين سومانو فييرا من البينين، ووليد شميط من لبنان، كما منح «التانيت الشرفى» للمنتج التونسى عبد العزيز بن ملوكة تقديرًا لمسيرته الطويلة وإسهاماته فى دعم السينما.

فيلم الافتتاح فلسطين 36

وتضمّن الحفل التعريف بأفلام المسابقة الرسمية وأعضاء لجان التحكيم، قبل عرض فيلم الافتتاح «فلسطين 36» للمخرجة الفلسطينية آن مارى جاسر، بحضور فريق العمل، وهو الفيلم المرشّح لتمثيل فلسطين فى سباق جوائز الأوسكار 2026.

وفى كلمته الافتتاحية، رحّب مدير أيام قرطاج السينمائية طارق بن شعبان بضيوف المهرجان، معربًا عن اعتزازه بحضور هذا التنوع الكبير من السينمائيين من مختلف أنحاء العالم، ومؤكدًا أن أيام قرطاج تظل منصة عربية وإفريقية راسخة تحتفى بسينما المؤلف وتؤمن بقوة الصورة وقدرتها على طرح الأسئلة ومقاومة النسيان.

وأشار إلى أن خصوصية المهرجان تكمن فى تجدده الدائم وتفاعله الحى مع جمهوره والنقاد والباحثين، مستشهدًا بمقولة زياد الرحبانى «بلا ولا شى بحبك» للتعبير عن شغف السينما، وبكلمات المخرج العالمى مارتن سكورسيزى حول ضرورة حماية الفن السابع.

كلمة مؤثرة

من جانبها، ألقت المخرجة آن مارى جاسر كلمة مؤثرة عبّرت فيها عن فخرها باختيار فيلمها «فلسطين 36» لافتتاح المهرجان، مؤكدة أن إنجاز الفيلم جاء فى ظروف شديدة الصعوبة، وسط العدوان المتواصل على غزة، وما رافقه من توقف التصوير وتدمير أجزاء من العمل أكثر من مرة.

وأوضحت أن فريق الفيلم بذل جهدًا استثنائيًا على مدى سنوات داخل فلسطين، شمل بناء قرية كاملة بديكوراتها وملابسها وسياراتها، ليكون العمل انعكاسًا لمشاركة فلسطين بأكملها فى صناعته، موجّهة الشكر لتونس وأيام قرطاج السينمائية على دعمهم وتضامنهم.

برامج الدورة 36

وتتوزع برمجة الدورة الحالية على مسابقات رسمية متعددة، أبرزها مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التى تضم أعمالًا من نيجيريا والسودان والعراق والتشاد والسعودية ومصر والأردن والجزائر وبوركينا فاسو وفلسطين، إلى جانب ثلاثة أفلام تونسية، وتترأس لجنة تحكيمها المخرجة الفلسطينية نجوى نجار.

 كما تشمل المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة 12 فيلمًا من دول عربية وإفريقية، برئاسة المخرجة التونسية رجاء عمارى، إضافة إلى مسابقة الأفلام القصيرة برئاسة المخرج العراقى حكمت البيضانى.

وتحضر القضية الفلسطينية بقوة ضمن فعاليات المهرجان، من خلال عروض خاصة من بينها الفيلم الوثائقى «من المسافة صفر» للمخرج رشيد مشهراوى، المصوَّر أثناء العدوان على غزة بعد 7 أكتوبر 2023.

كما يفتح المهرجان نوافذ واسعة على سينماءات العالم، ويخصص برامج للسينما العربية الجديدة، و«السينما الخضراء» المعنية بالقضايا البيئية، إلى جانب برنامج «قرطاج للمحترفين» لدعم المشاريع السينمائية العربية والإفريقية.

وتتواصل الأقسام الموازية للمهرجان، مثل أيام قرطاج السينمائية فى السجون والثكنات، والعروض فى مختلف الجهات التونسية، إضافة إلى اللقاءات الفكرية وتقديم الإصدارات السينمائية المتخصصة، فى دورة تعكس ثراء التجربة وتنوع الرؤى، وتؤكد أن أيام قرطاج السينمائية ما زالت فضاءً حيًا للحرية والإبداع والالتزام الإنسانى