نورا أنور تكتب : انتشال التميمي.. روح الجونة التي لا تغيب

شهد مهرجان الجونة السينمائي، في ختام دورته الثامنة ، لحظة إنسانية مؤثرة، بتكريم أحد مؤسسيه ومديره السابق انتشال التميمي، تقديرًا لدوره المحوري في تأسيس المهرجان وصناعة هويته السينمائية والثقافية خلال السنوات الماضية.

يعد التميمي أحد أبرز الأسماء في إدارة المهرجانات العربية، وصاحب تجربة طويلة في تنظيم الفعاليات السينمائية ودعم الحراك الثقافي في المنطقة. ومنذ انطلاق مهرجان الجونة السينمائي، استطاع برؤيته الإدارية والفكرية أن يحوّله إلى منصة فنية وإعلامية دولية، تجمع بين الاحتراف التنظيمي والبعد الثقافي، حتى أصبح في سنوات قليلة أحد أهم المهرجانات في العالم العربي.

هوية متفردة

عمل التميمي على بناء هوية متفردة للمهرجان تقوم على الاحتفاء بالسينما الجادة، وتشجيع صناع الأفلام المستقلة، وتوفير مساحات للحوار بين المبدعين من مختلف دول العالم. كما ساهم في وضع الجونة على خريطة المهرجانات الكبرى من خلال إدارة متوازنة تجمع بين الرؤية الفنية العالية والدقة التنفيذية في التفاصيل.

عضو اللجنة الإستشارية العليا

ورغم الظروف الصحية التي دفعته إلى الاعتذار عن منصبه كمدير للمهرجان، فقد حرص القائمون على المهرجان، وعلى رأسهم آل ساويرس، على استمرار وجوده ضمن الفريق بصفته عضو اللجنة الاستشارية العليا، تأكيدًا على قيمته المهنية والفكرية، واعترافًا بالدور المؤسس الذي لعبه في بناء المهرجان وتطويره.

 

تكريم التميمي هذا العام يأتي تتويجًا لمسيرة مهنية امتدت لعقود، قدّم خلالها نموذجًا في الإدارة الثقافية الواعية القائمة على احترام المبدعين والإيمان بدور السينما في التنوير والتواصل الإنساني.

ويعكس هذا التكريم أيضًا وفاء مهرجان الجونة لرموزه المؤسسين، وإيمانه بأن الاستمرارية لا تتحقق إلا بالحفاظ على الخبرات التي ساهمت في وضع اللبنات الأولى للمهرجان.

لقد ارتبط اسم انتشال التميمي بمسار المهرجانات العربية منذ بداياته، وترك بصمته في أكثر من تجربة ناجحة، قبل أن يقود مشروع الجونة إلى موقعه الحالي كواحد من أكثر المهرجانات العربية حضورًا على الساحة الدولية.

ولم يكن التميمي مجرد إداري ناجح، بل مثقف سينمائي واعٍ، يمتلك رؤية نقدية وفكرية جعلت من المهرجان ساحة حوار ثقافي مفتوح بين الشرق والغرب، وبين صناع السينما والنقاد والإعلاميين.

إن تكريمه اليوم ليس مجرد تقدير شخصي، بل هو احتفاء بالعقل المؤسس الذي بنى، والرؤية التي استمرت، وبالروح التي ربطت بين الفن والإدارة والثقافة في مشروع سينمائي عربي استثنائي.