تستمرالجرعات الدسمة لمهرجان وجدة السينمائي الدولي للفيلم المغاربي بتغذية دائقة الجمهور السينمائي الحاضربقوة بطبق سينمائي مغربي يحمل بين طياته معادلة شاعرية كفيلة بإرسال رسالة بصريّة مشبعة .
فيلم ” وشم الريح ” للمخرجة المغربية ” ليلى التريكي ” يتناول قصة صوفيا، مصورة فوتوغرافية تبلغ من العمر حوالي 28 سنة، تكتشف صدفةً أن والدتها الفرنسية لا زالت على قيد الحياة، خلافًا لما كان والدها قد أخبرها بأنها توفيت، وتبدأ رحلة بحث عن الأم من فرنسا، في محاولة لمحو جزء من الغموض في هويتها والنسب.
حياة المهاجرين
كما يدخل فيلم “وشم الريح” في حيوات مهاجرين — شرعيين ولاجئين — ليعرض علاقاتهم المعقدة مع “الآخر” الغربي، ومع الهجرة كخيار وكحالة إجبارية في أحيان كثيرة.
من خلال القصة، يظهر الفيلم أنه يتعامل مع عدة محاور: الهوية: البحث عن جذور شخصية، عن الأم، عن النسب، وعن الحقيقة التي قد تخفيه الأسرة، الصراع الداخلي للبطلة بين ما عرفت وما تكتشفه، المنفى والهجرة: كيف تشكل الهجرة حياة الأفراد وعلاقتهم بالوطن، والحنين، وفقدان الروابط، العلاقات العائلية والخيانة — إن صح التعبير — في كشف الحقائق: الصدق والكذب في ما يتعلق بالماضي، كيف يتم تضليل الأبناء بقرارات أهلهم أحيانًا، والأمور التي تظل سرًّا، تعدد الثقافات واللغات: الفيلم مشترك مغربي-فرنسي، الممثلة الفرنسية الأم، الهجرة، العلاقات بين الثقافات تطرح تحديات إنسانية وثقافية
مشاركات وجوائز
كما أن تم العرض الأول للفيلم في سوق الفيلم الأوروبي على هامش الدورة الـ74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2024.
- شارك في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في المهرجان الوطني للفيلم بالمغرب، في مدينة طنجة.
- حصل على جائزة “Prix de la première œuvre” في المهرجان الوطني للفيلم بالمغرب.
- نال جائزة لجنة التحكيم “نور الدين الصايل” في مهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية عام 2025.
- توّج أيضًا بجائزة”لجنة التحكيم الخاصة” في مهرجان قازان الدولي للفيلم في روسيا، ضمن دورته الـ21.
قصص مستلهمة من واقع المهاجرين
يتميز فيلم ” وشم الريح ” بالصدق في الطرح ، وإعتماده على قصص مستلهمة من واقع المهاجرين مما يجعل الموضوع قريبًا من تجارب حقيقية، الشيء الذي يمنح الفيلم بعدًا إنسانيًا قويًا، بالإضافة إلى إعتماده على الجمع بين المحلي والعالمي فالتصوير في مدينتين (طنجة وبوردو)، الإنتاج المغربي-الفرنسي، و الممثلون من جنسيات مختلفة، ما يثري الفيلم ويجعله يستهدف جمهورًا واسعًا، ليس محصورًا في المغرب فقط.
إضافة إلى وجود ممثلين مرموقين مثل النجم السوري ” محمود نصر،” و الممثلة المغربية ” وداد آلما ” يسهل من لغة التواصل مع الشخصيات والتعاطف مع رحلة صوفيا. فالأداء مهم في أفلام كهذه التي تعتمد على التمثيل العاطفي والداخلي.
كما ضرب الفيلم حسابا لكل التحديات والنقد المحتمل كخطر تبسيط التجربة الإنسانية، بما أن الموضوع حساس — هجرة، أسر مشتَّتة، فقدان الوالد/ة — فإمكانية الوقوع في العاطفة الزائدة أو في الرمزية الزائدة التي تفقد بعض الواقعية ممكنة من خلال الحفاظ على التوازن بين السرد الداخلي والخارجي .
الأم الرمز
رحلة البحث عن الأم تمثل الرمز، لكن يجب أن تعرض الصعوبات والانعكاسات النفسية والاجتماعية بشكل يكملها، لا يكتفي بعرض الرحلة الخارجية فقط ، كمخاطر التوقعات العالية بعد النجاح المهرجاني
الفيلم الناجح سينمائيًا يتعرض لتوقعات المشاهدين الكبيرة؛ من الصعب تلبية هذه التوقعات كلها، خاصة عندما يُطلب من الفيلم أن يقدم “الردّ” على قضايا مثل الهوية والهجرة بشكل شامل، كذلك لغة الصورة والتصوير الصوتي إن
لم تتوفر معلومات مفصلة عن جوانب مثل الإخراج الفني، الموسيقى التصويرية، الإضاءة، الصوت، لهذا كل هذه العناصر ستكون حاسمة في نقل المعاناة الداخلية، الحنين، الكشف، الصدمة، الأمل… إذا كانت ضعيفة، قد تؤثر سلبًا على التجربة.
التأثير والدلالة
الوشم في العنوان يوحي بأن التجربة، رغم أنها غير مرئية دائمًا، تترك أثراً دائمًا على النفس مثل وشم لا يمحى ، الريح ترمز إلى الحركة، ربما الرحيل، ربما التيه، وربما ما لا يرى لكن يُحسّ به — الأفكار، الهواجس، الذكريات، الهوى المؤثر,, بين الوشم والريح يبنى الفيلم معادلة شاعرية ،الأثر الدائم مع الحركة الغير مستقرة، بين الثبات والتغيّر
«وشم الريح» فيلم يستحق الانتباه لأنه لا يقدم قصة بسيطة للهجرة أو البحث عن الأم، بل يغوص في تفاصيل الهوية، الغياب، الغموض، والبحث عن النفس. إنه مثال على كيف يمكن للسينما المغربية المعاصرة أن تأخذ موضوعًا محليًا، وتحوّله إلى رحلة إنسانية تلامس تجارب عالمية