عبد الستار ناجي يكتب: “ذاكرة صفراء” عرض سعودي عميق في مهرجان المسرح العربي

تأتى مسرحية – ذاكرة صفراء – لفرقة نورس السعودية ، من تأليف عباس الحايك واخراج حسن العلي وتمثيل كميل العلي ومحمد المحسن وفاطمة الجشي وعلي الجلواح .

العرض يعتمد على نص مسرحي،  للكاتب السعودي عباس الحايك،  الذي ياخذنا الى حكاية “انسي ” الفنان التشكيلي الثلاثيني ، الذى يرحل من بلدته حاملا معاه ذكريات مشبعة بالالم اولها ذلك الاب القاسي الذي يظل يزرع الشك في نفس ابنه واثار انفجار اودتى بحياة والدته وتشوهات جعلته لا يفارق غرفته وعمله في الارشيف الذي يعمق مفردات تلك العزلة الا من حكايات تتداعي عن علاقته بحارس العمارة وصديقة وفتاة تزوه بحثا عن شقيقها الذي يسكن الى جواره وايضا وصول والده المفاجئ ..

نص متماسك محكم كلماته تتداعي بايقاع متنام ومتصاعد مشبع بالنبض والاحاسيس المتفجرة والنقلات التى تعيشها جميع الشخصيات وايضا حالة الثراء والعمق في شخصية ( انسي ) والنقلات النوعية في الشخصية حيث العبور من حالة واخري عبر لغة ثرية بالمضامين وحوار يعمق الشخصية والحالات التى تعصف بها وايضا الالتباسات التى تحيط بها ..

نص يصلح لكل مكان وحتما سيكون مادة خصبة لصناع المسرح في العالم العربي لما يمثلة من مختبر حقيقي للبحث والتحليل والاكتشاف وهو ليس بالامر المستغرب على كاتب بمكانة وقيمة الكاتب السعودي عباس الحايك الذي يمثل جيل من الرهانات لمستقبل المسرح السعودي والخليجي والعربي .

عباس الحايك

رحلة – انسي – تظل تتصاعد وتتنامي لتعمق الحالة التى يعيشها والظروف التى تحيط به وقد استطاع الحايك وذكاء شديد ان يتعامل مع تلك الشخصية والحالتى التى تحيط به من خلال حضور لعدد من الشخصيات بل انه يذهب الى بعد اضافي حينما يدخل شخصية اضافية بالاتفاق مع المخرج والتى تخلق بعدا اضافيا يمنح العرض والمشاهد المزيد من الالتباسات والرغبة في البحث .. لنكتشف ان كل تلك الشخصيات والاحداث ما هي الا تخيلات في راس – انسي – وهي نتيجة حتمية لويلات الحروب وسطوة الاب ونظرة المجتمع .

كتابة ذكية لنص يبدو للوهلة الاولي بسيطا وسرعان ما يورطك في لعبة المشاهدة والبحث والاكتشاف .

في العرض حضور عال الكعب للفنان السعودي الشاب كميل العلي الذى استطاع ان يمنح الشخصية اسلوبها ونظامي وابعادها وقلقها وحيرتها ودهشتها وقبل كل ذلك حالة البوح المتفجر عبر مجموعة من التعابير التى اشتغل عليها كميل عبر الجسد تارة ومن خلال الالقاء تارات عدة . اداء فياض بالاحاسيس والالم .

ولابد ان نتوقف عند بقية عناصر العرض من الممثلين ونحص الفنان الشاب محمد المحسن الذى منح الشخصية فضاء عال من العفوية التى راح يمزج من خلالها الكثير من المفردات والتعابير المحلية الدارجة التى تستحوذات على الاهتمام وفي الحين ذاته ظلت في اطار العمل .

المخرج حسن العلي مخرج يمتلك ادواته واشتغالاته في استخدم مساحة المسرح وتقديم حلول في التشكيلات والحركة وايضا الاضاءة والسينوغراف عبر استخدام اللوحات تارة والاضاءه مرات متعددة .

حسن العلي في مسرحية – ذاكرة صفراء – مخرج يذهب بعيدا في خلق الحلول البصرية والتى تعتمد على حركة الممثلين وتشكيل تكوينات استثمر من خلالها اللياقة العالية لشقيقة الفنان المتجدد كميل العلي .

وحتى لا نطيل – الذاكرة الصفراء – خطوة اضافية في رصيد المسرح السعودى ومنطقة عامرة بالبحث والاشتغال على صعيد النص والتمثيل والاخراج .

كلام صور :

مسرحية – ذاكرة صفراء –

عباس الحايك

من المسرحي